الأمور المجهولة المعروفة

TT

جميع المؤشرات تشير إلى إقبال هائل على الانتخابات.

وبالفعل في التصويت المبكر، كانت أعداد الناخبين ضخمة. ففي تشارلوت، في نورث كارولاينا، ذهبت سيدة طاعنة في السن سمراء البشرة إلى إحدى الكليات الحكومية متحمسة للإدلاء بصوتها لصالح باراك أوباما. ولكن كان الصف الواقف أمامها طويلا ومثبطا للهمة، فعلى الأقل سوف يستغرق الأمر ساعتين. فعلمت أنها لن تستطيع الوقوف لمدة ساعتين، وعادت إلى منزلها.

في اليوم التالي، عادت ومعها مقعد قابل للطي. وجلست في نهاية الصف، الذي كان أطول من اليوم السابق. وكل عدة دقائق، يتقدم الصف ببطء، فتنهض السيدة وتحرك مقعدها قليلا وتجلس من جديد.

تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم السيناتور باراك أوباما، ولكن لا توجد سابقة يمكن الاعتماد عليها في هذه الانتخابات. فهناك الكثير من «الأمور المجهولة المعروفة»، كما قال دونالد رامسفيلد.

ويسود الحماس من أجل التصويت إلى درجة كبيرة بسبب القلق، حيث يحاول القطاع المالي، بمساعدة مئات المليارات من دولارات دافعي الضرائب في خطة الإنقاذ، الخروج من حالة الصدمة. وتتعرض صناعة السيارات، التي كانت بيتا مصنوعا من الورق لسنوات، إلى خطر الانهيار. كما أن الاقتصاد في مرحلة انكماش، والبطالة في ازدياد، والأمن المالي للجميع، ما عدا فاحشي الثراء، في تراجع.

وقال لي عامل في مصنع سيارات في ميشيغان: «أدلي بصوتي من أجل حياتي الاقتصادية».

وأهم عامل يتنافس مع الجانب الاقتصادي في هذه الانتخابات أيضا هو المجهول الأكبر: قضية العرق. لقد كان ممن الممكن أن تمر الانتخابات بسرعة خاطفة لولا العِرق الذي ينتمي إليه أوباما. إنه متقدم حاليا، ولكن السؤال هل تعكس أرقام الاستطلاعات بدقة ما يدور في أذهان الناخبين؟

من بين جميع القضايا التي تم تناولها في هذا الموسم الانتخابي الطويل إلى درجة السأم، ما زال الاقتصاد والعرق هما العاملين الأهم.

يقول لي ميرينغوف، مدير معهد ماريست للرأي العام: «لست معتقدا في تأثير برادلي». وهو يتحدث عن الظاهرة التي يتكرر الحديث عنها حيث تفترض أن نسبة من المشاركين يقولون لمستطلعي الآراء إنهم سيصوتون لصالح المرشح الأسود ثم يذهبون إلى صندوق الاقتراع ويفعلون نقيض ذلك.

لقد أساءت قضية العرق إلى الكثير من المرشحين السود، ولكن لا يوجد دليل قوي يدعم وجود شيء اسمه تأثير برادلي، الذي سمي باسم توم برادلي، عمدة لوس أنجليس، وهو أسمر البشرة وخسر انتخابات حاكم كاليفورنيا عام 1982 بعد أن كان يتوقع الفوز بها.

ولا يعتقد ميرينغوف أن أعدادا كبيرة من المشاركين يكذبون على مستطلعي الرأي لأنهم يخافون من النظر إليهم على أنهم عنصريون، أو لأي سبب آخر. ويقول: «إذا استمعت إلى المقابلات بالفعل، سترى أن الأشخاص متحمسون للغاية من أجل تسجيل آرائهم على نحو صحيح».

وتذكر ميرينغوف السباق الذي خاضه كل من ديفيد دينكينز ورودولف جولياني من أجل الوصول إلى منصب عمدة نيويورك عام 1989، حيث فاز دينكينز، وهو أسمر البشرة، بفارق ضئيل. ويضيف ميرينغوف: «لقد أجرينا استطلاعا عشية الانتخابات، ليلة الاثنين، ورأينا تحولا كبيرا في الأرقام. فقد اقتربت نهاية السباق. وتوقفت معظم الاستطلاعات قبل ذلك بيوم أو اثنين».

وهناك أسباب عديدة تتحكم في احتمالية تحقيق السيناتور أوباما أو أي مرشح آخر أداء أفضل أو أسوأ في يوم الانتخابات مما تشير إليه الاستطلاعات. ومن المحتمل أن يكون كذب المشاركين في الاستطلاعات هو أقل الأسباب المرجحة.

إن الإقبال على التصويت هو أمر مهم لا يمكن توقع نتائجه هذا العام. وقد قال رئيس تحرير استطلاعات غالوب، فرانك نيوبورت، إن محاولة قياس حجم الإقبال والتوصل إلى دلالته «ربما يكون التحدي الأول الذي نبحث فيه».

وربما يلعب الإقبال الكبير بدرجة استثنائية لصالح أوباما. فيمكن أن يشير إلى وجود أعداد كبيرة من الناخبين الديمقراطيين المسجلين حديثا، ومن بينهم أصحاب البشرة السمراء والشباب. ومع تنظيم العمليات الميدانية التي تعتبر أفضل من حملة ماكين، ومع توفر المزيد من الأموال، يجب أن تجد قوات أوباما سهولة أكبر في توصيل ناخبيها إلى صناديق الاقتراع.

ومن الممكن أيضا أن يشير الإقبال الكبير على الانتخابات إلى أن القلق الاقتصادي وصل إلى درجة كبيرة بين جمهور الناخبين لدرجة أنه يتفوق على القلق الذي قد يشعر به الكثير من الناخبين حيال عرق أوباما.

الخطر الخفي المحتمل أن يحيق بأوباما هو انتهاء الحال بالناخبين الذين لم يعلنوا عن اختيارهم في الاستطلاعات إلى التصويت بكثافة من أجل جون ماكين. من الممكن أن يُغير هؤلاء الناخبون الميزان في الولايات المتأرجحة، وخاصة الولايات التي يتقدم فيها أوباما ولكن بنسبة أقل من 50 في المائة.

وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الناخبين البيض من الطبقات المتدنية في التعليم والأقل ثراء، وهي المجموعة التي تميل إلى اختيار جون ماكين، ربما يكونون أكثر ترددا في الإجابة عن الاستطلاعات أكثر من أية مجموعات أخرى.

وربما يكون تأثير برادلي غير حقيقي، ولكن تخيم قضية العرق على هذه الانتخابات بدرجة كبيرة. والسؤال الذي سوف تظهر إجابته يوم الثلاثاء هو ما إذا كانت الأزمة الاقتصادية سوف تخيم على هذه الانتخابات بدرجة أكبر.

* خدمة «نيويورك تايمز»