صاحب (الدبرمان)

TT

الكلاب، أنا شخصياً أحترم الكلاب، وأعتقد أن بعضها أوفى وأكرم وأفهم من بعض الناس.

صحيح أنني أحب الكلب، خصوصاً الكلبة، ولكن من بعيد لبعيد وخارج البيت، غير أن بعض أبناء جلدتنا من أقوامنا عندما عاشوا في بلاد الغرب لم يقلدوهم فقط، ولا أصبحوا (كوبي) منهم، لكنهم غلّبوا عليهم في الكثير من مناهجهم الحياتية، مثل ذلك الشخص الذي أريد أن أحدثكم عنه الآن.

فقد قدّر لي يوماً أن أزوره في شقته التي كان يستأجرها في بلد أوروبي أيام الدراسة، وتفاجأت عندما دخلت عليه أنه كان يقتني كلباً من نوع (الدبرمان)، كان أسود اللون وحجمه أكبر من حجم الحمار.

الواقع أنني استأت وخفت في نفس الوقت من نظرات الكلب التي كانت لا تبشر بالخير، رغم تطمينات صاحب الشقة، وبدلا من أن أمكث عنده ساعة من الوقت، اختصرتها إلى عدة دقائق، وكان حظي أفضل بمراحل من صديق له استضافه ونام عنده.

وفي الصباح الباكر ذهب صاحب الشقة إلى جامعته، وعندما أفاق صديقه دخل الحمام ليغتسل ويستحم، وبعد أن انتهى وفتح الباب ليخرج، وإذا الكلب خلف الباب مكشر أنيابه، فانخلع قلب المسكين وأغلق الباب على نفسه بسرعة، وكلما حاول الخروج على أمل أن الكلب قد ذهب، يهجم الكلب على الباب محاولا تحطيمه، والمشكلة أنه ليس هناك من أحد في تلك الشقة الملعونة غيره وغير ذلك الكلب الشرس المتوحش.

ويقول لي: هل تصدق أنني مكثت من الساعة الثامنة صباحاً إلى السابعة مساء جائعاً وعرياناً ومسجوناً في ذلك الحمام الصغير، إلى أن أتى صاحب الشقة وأنقذني من ذلك الكلب وأفرج عني، وعندها (ما صدقت على الله) أن أرتدي ملابسي وودعته هارباً (وهذاك وجه الضيف).

ومن المعروف أن تلك الفصيلة بالذات من الكلاب، التي هي فصيلة (الدبرمان)، أنها لا تعرف ولا تصادق ولا تأتمر إلاّ بواحد، الذي هو صاحبها فقط لا غير ـ، وجميع الأجهزة الأمنية تصنف هذا النوع على أنه من (الأسلحة الخطيرة) التي يجب الإعلان عنها والتحذير منها.

قلت له: احمد ربك فحظك أفضل من حظ زوجة صاحب الشقة.

سألني: كيف؟!

قلت له: إنه في سنة من السنوات رجع ذلك الرجل إلى بلده وتزوج، وبعد شهر العسل عاد إلى مكان دراسته على أن تلحق به زوجته في ما بعد، وفعلاً بعد أن هيأ السكن الملائم استدعاها ووصلت بالسلامة، وحيث أنه شيء طبيعي بعد تلك الغيبة أن يكون هو مشتاقاً لها مثلما هي مشتاقة له، وفيما كان الاثنان محلقين في عنان السماء، وباب الغرفة (موارباً)، وإذا بالكلب المفترس يهجم على الزوجة معتقداً أنهما يتعاركان، خصوصاً عندما سمع صوت الزوج فاعتقد الكلب أنه يستنجد به فما كان منه إلاّ أن ينقض على ظهر المسكينة التي سالت دماؤها وهي تصرخ من شدة الألم والرعب إلى أن أغمي عليها، ونقلتها سيارة الإسعاف إلى المستشفى الذي مكثت به ما يقارب شهرين.. ومنها إلى أهلها، ثم حصل الطلاق.

كل هذا كان ببركة (الدبرمان).

[email protected]