أوباما فرحة العاجزين

TT

بانتخاب أول رئيس أميركي أسود حققت أميركا نصرا كبيرا على مستوى الرأي العام العالمي، واستعادة صورة أميركا الملهمة. ما شاهدناه فجر أمس كان لحظة تاريخية لا تنسى.

لكن عندما ننظر إلى بعض ردود الفعل في منطقتنا على فوز أوباما بالرئاسة الأميركية، لا يملك المرء إلا أن يصاب بالذهول؛ فالتصريحات التي انطلقت من البعض تدل على أن فرحتهم بوصول أوباما هي فرحة العاجزين.

أوباما هو مرشح الناخب الأميركي، لا مرشحنا نحن. اختاره الأميركيون لخدمة مصالحهم، لا من أجل خدمتنا. إلا أن بعض ردود الفعل الصادرة من منطقتنا دليل على عمق الأزمة التي نعيشها.

نبيه بري مثلا يقول إن «الأميركيين، بانتخاب أوباما، يحاولون تبييض صفحة الماضي، وساعدتهم على ذلك ديموقراطية رائعة». وأين ديموقراطيتكم؟ أين مصالح شعبكم يا حملة السلاح ضد مواطنيكم؟

أميركا اختارت رئيسا أسود، وأنتم اخترتم الشعار الأسود ملبسا لكل مواطن لبناني حزنا وهما. فهل يستطيع حسن نصر الله أن يلقي خطابا يشبه خطاب ماكين يعترف فيه بالهزيمة، علما بأن المرشح الجمهوري لم يطلب الثلث المعطل يا سيادة رئيس مجلس النواب!

لكن هل نبيه بري وحده؟ بالطبع لا! راقبوا ما قاله وزير خارجية إيران بان اختيار أميركا لأوباما دليل على رغبة في تغيير السياسات الأميركية. والسؤال هنا هل لنا أن نطلع على رغبة الإيرانيين، أو رؤية الوجه الآخر لإيران الذي لا يزور حتى شهادات الجامعة الخاصة بوزير أمنه؟ هل هناك عجز أكثر من هذا العجز!

هذا ليس كل شيء، فوزير الإعلام السوري يأمل في أن يسهم فوز اوباما بالرئاسة في تغيير سياسة واشنطن الخارجية والانتقال من سياسة الحروب والحصار إلى سياسة الدبلوماسية والحوار وعدم تجاهل المشاكل التي تعاني منها الشعوب.

هل أوباما هو مرشح دمشق، أو مطلوب منه أن يحل مشاكل سورية؟ أين الدور السوري، أين جهد دمشق من أجل أن تحل مشاكلها؟ وكيف يطالب الوزير أميركا بإلغاء سياسة الحصار واتباع منهج الحوار بينما دمشق تحاصر وتفعل العجائب في لبنان؟

الأمر نفسه ينطبق على حماس التي تدعو أوباما لاستخلاص الدروس والاستفادة من الأخطاء، على لسان المتحدث الرسمي باسم الحركة فوزي برهوم الذي يطالب أوباما «بالتواصل مع الشعوب بطريقة حضارية».

وهل الطريقة الحضارية هي الانقلاب الذي قادته حماس، أم هو قذف المواطنين العزل من الدور الخامس عشر؟ وبالطبع ما سبق ينطبق على الإخوان المسلمين في مصر وتعليقاتهم على فوز أوباما، ومثلهم إخوان الأردن الذين عزوا في أبي مصعب الزرقاوي، واليوم يأملون في حوار حضاري.

أوباما رئيس الأميركيين وبأصواتهم، وهو نتاج حركة نضالية مدنية لم تستخدم العنف ولم تستعن بالخارج مالا أو سلاحا، واختياره دليل على أن أميركا قادرة على تصحيح مسارها، وبمرونة شديدة، لكن السؤال هنا هو: متى نصحح نحن مسارنا؟ متى نستخلص العبر ونوقف بحور الدماء، والتخوين، والتكفير، ونتقي الله بأوطاننا، وأنفسنا؟ عندما نشاهد ردود فعل البعض منا لا نملك إلا أن نقول إن اوباما فرحة العاجزين عن حق، فما حك جلدك مثل ظفرك!

[email protected]