الملك أوباما وأشقياء العرب

TT

باحتفاء أميركي وعالمي غير مسبوقين توج باراك أوباما «ملكا» على الولايات المتحدة، الذي سيتمدد على عرش الحكم مستمتعا بسلطة شبه كاملة، بعد أن حقق حزبه الأغلبية الساحقة في مجلسي النواب والشيوخ معا. الآن يستطيع أن يأمر فيطاع في الكونجرس، لولا ان جبال المشاكل التي ستواجهه قد لا يكفيها صولجان الحكم لمعالجتها، وأبرزها الازمة الاقتصادية التي لم تظهر بعد آثارها الخطيرة الموعودة.

أهمية أوباما أيضا شعبيته الخارجية. فهي المرة الأولى التي يصل فيها الى الحكم في واشنطن رئيس بشعبية عالمية، حيث لم يفز أي زعيم اميركي إلا وانقسم العالم عليه، بين فريق يتطلع اليه وفريق يرجمه بالبيض والطماطم. هذه المرة أوباما رمز تاريخي لا رئيس اميركي فقط. حتى الدول الحمراء المعادية للسياسة الاميركية، من كوبا الى فنزويلا وايران وكوريا الشمالية، لم تملك سوى ان تثني عليه، وسيكون من الصعب عليها ان تتجاهل شعبيته الداخلية والخارجية. مجيء أوباما، محل جورج بوش، سيبرر لها البحث عن حلول وسط لمعالجة نزاعاتها مع الولايات المتحدة. رجل بمثل هذه الشعبية والآمال الكبيرة لن يكون سهلا على خصومه تبرير الاستمرار في معاركهم بزعم أنه ممثل المحافظين الجدد، أو اللوبي الاسرائيلي، او تجار الصناعات العسكرية، كما كان يقال ضد الادارة المنتهية رئاستها.

أهمية أوباما انه يشكل للأشقياء في منطقتنا ممرا آمنا للعبور السلمي، ويبرر لهم اي انسحاب سياسي من معسكر التطرف مع حفظ ماء الوجه لهم.

على الحكم في السودان أن يكف عن عبثه بحياة مواطنيه ويسارع لإنهاء مأساة دارفور ويمنح الرئيس الجديد في البيت الابيض سببا للمصالحة الحقيقية، لا مسرحية الصلح التي لم تقنع أحدا في داخل السودان وخارجه.

 على القيادة السورية بدورها أن تتذكر ان الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء التركي لا ينفعان لملء الفراغ السياسي الاميركي، الذي لا يزال حاضرا بمائة وثلاثين الف جندي اميركي على مقربة من الحدود السورية ولن يسحبها الرئيس أوباما ما لم يمنحه السوريون والايرانيون أدلة كافية على ان يترك العراق آمنا مستقرا سياسيا وأمنيا. أما بالنسبة للرئيس الايراني احمدي نجاد فان انتخاب أوباما خبر سيئ لأنه يحتاج الى مبرر للتصعيد والعسكرة والخطب الشتائمية. وأوباما يدخل البيت الابيض والملف رقم واحد على مكتبه لن يكون وجود قواته في العراق، او ملاحقة بن لادن، بل مشروع السلاح النووي الايراني، وعليه ان يقرر سياسته بشكل واضح لأركان حكومته والحكومات الحليفة. فان قرر مواجهة ايران فانها ستعيش وضعا أصعب بوجود ديموقراطي يملك شعبية عالمية وصلاحية سياسية هائلة.

الفرصة التي يمنحها انتخاب الاميركيين لرجل يختلف مع بوش في سياسته، وكثير من افكاره، يفتح النافذة لان تقابل بنفس الروح المتسامحة لسبب واحد، ان الدول الشقية لن تستطيع مواجهة كل الاميركيين الذين تخلوا عن جون ماكين، والتفوا وراء أوباما. عليهم ان يتذكروا انه فاز فوزا كاسحا، وكسب حزبه الديموقراطي الكونجرس بغرفتيه، الذي يجعله يستطيع شن حرب او توقيع سلام بدون معارضة.

[email protected]