بل نحن في حاجة إلى مزمار هاملن!

TT

يقال إنه حدث في أيام الحروب الصليبية أن انتشرت الفئران في كل مكان وأكلت طعام الإنسان وملابسه. ولم تفلح الدول في أن تجد حلاً. وأخيراً ظهر رجل ألماني من مدينة هاملن يقول إنه مستعد أن يخلص البلاد من هذه اللعنة السماوية.. على أن يدفعوا له مبلغاً من المال وراح ينفخ في المزمار فخرجت الفئران من كل مكان تلهث وراءه ونزل بها إلى النهر فغرقت جميعاً. ولما طالبهم بالمال هربوا منه فقرر الانتقام.

وعاد ينفخ في المزمار فسار وراءه كل الأطفال ونزل إلى الماء فغرقوا جميعاً وهرب الرجل!

ونحن عندنا مزمار من طراز آخر. وهو أن رجلاً أعمى كان ينفخ في مزماره عند كل بيت. وفي يوم وجد زحاماً شديداً فراح ينفخ في المزمار ولكن أحداً لم يعطه شيئاً فسأل ما هذا الجمع فقيل له: إنه مسجد!

فقال عبارته البائسة الحزينة: لله يا زمري!

وهي عبارة نموذجية. لأنه مفيش فايدة.. مهما زمرنا ونفخنا فإن أحداً لن يستجيب وقد سيطر هذا على الفكر العربي كله. في السياسة والأدب والفن والنظرة إلى الحياة. ولم يظهر بيننا «مزمار هاملن» يستخرج الشرور ونلقي بها في الماء. ونتعلم من القصة التاريخية أن نعطيه حقه على هذا الإنجاز العظيم لنستجيب له ولغيره من الطيبين لا من الأشرار!

ويقال إن هاملن احتفظ في جيبه بفأرين صغيرين. حتى إذا رفضوا أن يدفعوا له أجراً، أطلق الفأرين ذكراً وأنثى. وليس أسرع من الفئران في التكاثر. ويقال إنه احتفظ بطفل صغير. وبعد سنوات كبر الطفل وأول ما فعله أنه قتل الزمار!