الاعتذار للسعودية

TT

حسنا فعل الرئيس الدكتور سليم الحص عندما قدم اعتذارا على ما قاله بحق السعودية بأنها قد قامت بدعوة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز للمشاركة في مؤتمر حوار الأديان الذي سيعقد في بحر هذا الأسبوع في الأمم المتحدة بنيويورك.

الرئيس الحص، وبعد توضيح السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة لحقيقة الموقف السعودي من الدعوة إلى مؤتمر حوار الأديان وأن المملكة لم تكن هي التي وجهت الدعوة إلى رئيس إسرائيل، أصدر بيانا قال فيه «إنني أعتذر إذا كان في تصريحي ما يسيء إلى الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية من قريب أو بعيد».

وهذه لفتة جيدة من الرئيس الحص في هذا الشق، لكن ماذا عن الآخرين في لبنان الذين أطلقوا الكذبة وصدقوها! فهل لهم أن يخرجوا معتذرين؟

الرياض لم تدع الرئيس الإسرائيلي إلى الدورة 63 للأمم المتحدة ضمن اجتماع الجمعية العامة التي ستشهد لقاء حوار الأديان تحت البند 45 وبعنوان «ثقافة السلام»، بل إن الدعوة جاءت من قبل الأمم المتحدة.

ويفترض بمن يفهم أساسيات عمل الأمم المتحدة أن يدرك طبيعة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تحضرها كل الدول ومن بينها لبنان وسورية وبحضور الإسرائيليين.

من يشنون الهجوم والتشويش على السعودية في لبنان لهم هدف مفضوح، وهو القول بأن السعودية تدعو الإسرائيليين، فإذاً لا فرق بين ما تفعله الرياض وما تقوم به دمشق، وهذه حيلة مفضوحة.

ففرق بين من يدعو إلى حوار أديان فيه منفعة للجميع، وبين من يحاضرنا صباح مساء عن توحيد المسارات، ووحدة الصف العربي، وحق الدفاع والصمود والمقاومة ثم يفاجئ الجميع بحوار مع الإسرائيليين، حتى ولو غير مباشر.

لسنا ضد السلام ولسنا ضد العقلانية، ولكننا ضد المزايدات التي أضاعت قضايانا، وجعلت مستقبلنا في مهب الريح. فإذا كان البعض في لبنان لديه ذاكرة القطط فإن جل العالم العربي يتذكر ما قيل على خلفية حرب 2006 بين حزب الله وإسرائيل.

يومها قيل من الشعارات البطولية ما يغرق منطقة، لكن رأينا بعدها الأفعال التي تمثلت في مفاوضات سورية ـ إسرائيلية غير مباشرة، واستجداء سوري لعودة العلاقات مع واشنطن مع كل تصريحات سورية رسمية تقريبا. 

وهذا ليس كل شيء؛ فكلنا رأينا سورية ولبنان من بين أعضاء الاتحاد المتوسطي جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وحضر الرئيس اللبناني المؤتمر الأول للقمة المتوسطية مثله مثل الرئيس السوري. وللتو عاد وزير خارجية لبنان من مؤتمر المتوسطي في مارسيليا. ومهاجمو السعودية يعلمون جيدا على من يحسب وزير خارجية لبنان.

ما يفعله البعض في لبنان هو محاولة تبييض صورة السياسة السورية بالتشويش على المواقف السعودية. ويتناسى هؤلاء أن السعودية وعندما تقدمت بمبادرة لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي لم تجلس في غرفة مغلقة تنشد الظلام، بل طرحت مبادرة عربية متكاملة، مثلما أنها اليوم تطرح مبادرة حوار للأديان باتت تحت رعاية الأمم المتحدة.

[email protected]