شهيد الغرام

TT

دخل علّي وكنت مستغرقاً أتفرج على برنامج كرتوني في التلفزيون.

وسألني مستغرباً: ما هذا الذي تتفرج عليه؟!، أجبته: مثلما ترى (توم آند جري).

ـ صحيح انك متخلف. يا رجل عيب عليك، الإنسان كلما كبر يكبر معه عقله، وأنت كلما كبرت (تمشي على ورا).

ـ تركت العقل لك، والآن ماذا تريد مني؟!

ـ أرجوك بسرعة حول على محطة الجزيرة، أريد مشاهدة برنامج (الاتجاه المعاكس).

ـ قصدك حرب (داحس والغبراء)، أو بمعنى أصح، (صراع الديكة)، لا يا سيدي آسف لن أغير المحطة، وإذا ما هو عاجبك (اضرب رأسك بالحيط).

ـ خرج غاضباً بعد أن نعتني للمرة الثانية بالمتخلف.

واستمررت بمتابعتي واستمتاعي وانفعالاتي مع ذلك البرنامج إلى أن انتهى، وبعد أن أطل على الشاشة وجه المذيع (الغليظ) معلناً نشرة الأخبار أقفلت التلفزيون، وذهبت إلى المطبخ وتناولت جزرة مقشرة ومغسولة ورحت اقضمها كأي أرنب مسالم.

والآن حان وقت الاعترافات، وأنا على فكرة لا أمارس مهنة الكتابة إلاّ من أجل أن افضح نفسي لكي يسعد ويتشمت بي الأعداء ـ والعداء في الواقع هو من طرف واحد، طرفهم هم، أما من ناحيتي، فالجميع عندي هم أحباب الله ـ.

من ضمن الفضائح أو الاعترافات، أنني مازلت أهوى مشاهدة البرامج الكرتونية، وأعتقد والله أعلم أن آخر ما سوف تقع عليه عيني في آخر يوم في حياتي هو مشاهدة الكرتون.

ومثلي الأعلى كان وما زال (بنك بانتر)، الذي حاولت أن أتقمص شخصيته، ولكنني مع شديد الإحباط والأسى قد فشلت.

وأظن أن (والت ديزني) مخترع شخصية (ميكي ماوس) ومطور الكرتون هو بدون أدنى أي تردد من أعظم عشر شخصيات أنجبهم القرن العشرون بكل ما فيهم من قادة وسياسيين وعلماء وأدباء وفنانين.. ولقد شاهدت له قبل أكثر من عشرين عاماً فيلماً كرتونياً هزني من الأعماق واسمه إن لم تخني الذاكرة (تسمع بعينيك وترى بأذنيك).

أما فتاة أحلامي التي شغفت بها حباً على مر الزمن فهي بلا شك من تملك مواصفات (ديزي دك)، خصوصاً عندما (تهز ذنبها)، يا الله إنني بدون مبالغة عندما أشاهد تلك (الهزة) يكاد يغمى عليّ من شدة الولع.

ولا تتصوروا مقدار كراهيتي لعزولي (دونالد دك) الذي لعب على المسكينة (ديزي) وأكل (بعقلها حلاوة)، ولكي تتأكدوا من كلامي اقرأوا معي هذه المقابلة الصحفية التي أجريت معه:

لقد اتهموك يا دونالد باللاأخلاقية، فهل أنت تدخن وتشرب المسكرات؟!

ـ أبداً لقد عشت حياة نظيفة.

ـ متى ستتزوج (ديزي)؟!

ـ عندما أتمكن من خداعها.

آه يا (ديزي) آه، يبدو أن لا أمل بالاقتران بك في الحياة الدنيا، ولقاؤنا إن شاء الله في جنات النعيم.

وقد جاء في الحديث الشريف: من حب وعف ومات، فقد مات شهيداً.

[email protected]