هنا الناس لا تزال تحلم بالمواطنة

TT

أثار وصول ابن مواطن كيني ومسلم لسدة الرئاسة الاميركية إعجاب العالم وغيرتهم.. إعجاباً بالنظام العادل. إنها اقصى العدالة بان يسمح له ولملايين من أمثاله أن يحظوا بكامل المواطنة، وكامل الحقوق، حتى في تولي أعلى منصب في البلاد. الكويت على سبيل المثال بلد متطور اختلط بالعالم الجديد منذ مائة عام، وكتب دستورا حديثا منذ نصف قرن، ومع هذا يرفض الاعتراف بعشرات آلاف الناس من الذين ولدوا قبل استقلال البلاد. محظور عليهم وأبنائهم وأحفادهم من حمل جنسية البلد الذي ولدوا وعاشوا فيه لعقود. والكويت مثل العشرين دولة عربية الأخرى التي لا تبالي بحقوق الملايين من «مواطنيها» المولودين على اراضيها، رغم انه حق إنساني وأخلاقي ويفترض ان يكون حقا قانونيا.

وإذا جاز ان يوجه اللوم فانه يفترض ان يغلظ في حق المثقفين أمثالنا، لأننا نشيع كراهية الاجانب حتى لو عاشوا بيننا مائة عام، ونعمم ثقافة تقديس الوطنية دون اعتبار لقدسية حقوق الافراد التي لا قيمة للوطنية بدونها. على المثقفين مسؤولية توعية حماة النظام السياسي ودفعهم باتجاه فهم الواقع الجديد. واذا كان فوز اوباما حرك مشاعر الاعجاب والغيرة ففيه درس بليغ للجميع، من ان عظمة البلدان الكبيرة القوية تكمن في أنها تعترف بالصغار والمهمشين، وبهم تكبر وترتقي.

في أميركا رشح اوباما نفسه للرئاسة مستفيدا من الحق الدستوري الذي يسمح لكل مواطن مهما كان ابوه او اصله. ما كان له ان يصبح رئيسا لولا انه حصل مبكرا على حق العضوية في الحزب الديمقراطي، فنافس العشرات من الطموحين أمثاله، وصار ممثلا لولايته في مجلس الشيوخ. وقبل ذلك عاش معظم حياته مستفيدا من حقوق المواطنة الكاملة في التعليم والعمل السياسي. وقبل أن يمنحه الناس العاديون الذين لم يلتقوا به في حياتهم أصواتهم منحوه أموالهم في أضخم تبرعات عرفها تاريخ الانتخابات. أما الأعجوبة فليست فوزه بل إن أغلبية من البيض المسيحيين منحته الفوز، رغم عرقه وخلفيته الإسلامية، على اعتبار أن أباه افريقي مسلم. ولنتذكر ان النظام يمنح حق الترشح للجميع لكنه لا يجبر الناس على انتخاب من لا يحبون، لهذا فان ثقافة محاربة العنصرية هي الكاسب الاكبر في الانتخابات الاخيرة. في ثقافة الاصلاح والتغيير نجد المدخل الحقيقي للنجاح.

[email protected]