المهم في رسالة نجاد لأوباما

TT

لم تنتظر طهران لقراءة تفكير واشنطن الجديد، بل سارع رئيسها أحمدي نجاد إلى تهنئة الرئيس الأميركي المنتخب أوباما، ودعوة واشنطن لتغيير سياستها تجاه إيران. تفعل طهران ذلك وهي التي كانت تصور خصومها عملاء لأميركا!

وحتى خالد مشعل الذي اتهم محمود عباس مطولا بسبب علاقته مع واشنطن، سارع إلى إبداء مشاعر إيجابية تجاه أميركا في مقابلة مع قناة «سكاي نيوز»، مبديا استعداده للتحاور مع إدارة أوباما.

بالنسبة لإيران هذا أمر متوقع، وتحديدا منذ صدرت أوامر طهران لحلفائها، ومنهم خالد مشعل، بالانبطاح لكي تمر الانتخابات الأميركية بفوز رئيس ديموقراطي. لكن المهم في رسالة نجاد لأوباما هو أن ترى القيادات العربية، وكثير من مثقفينا، كيف أنهم خدعوا بتصديق من قالوا بضرورة عدم استفزاز إيران بالتقارب مع واشنطن، إذ كان التقارب مع أميركا أمرا يحرص الجميع على تفاديه لعدم استفزاز طهران. لكن ها هي إيران نفسها تهرول إلى واشنطن. لا ضير في ذلك سياسيا، لأن السياسة مصالح، لكن الإشكالية هي عندما نتجنب مصالحنا لنفسح المجال للمطامع الإيرانية.

فقد تحركت إيران تجاه أميركا من دون أن تقيم وزنا لحلفائها في المنطقة، أو للمخدوعين بها في الشارع العربي، والذين تستخدمهم طهران أوراقا تفاوضية مع واشنطن. كيف لا وسبق لنجاد القول بأن بلاده مستعدة لمساعدة أميركا في أفغانستان ومع حماس وحزب الله، وسورية.

ولذا فالعبرة الأهم من رسالة نجاد لأوباما هي أن على العالم العربي أن يتحرك وفق مصالحه، لا وفق الابتزاز الإيراني.

ذات يوم هاتفني مساعد مسؤول عربي يحتج على صيغة خبر ورد في صحيفتنا، وقال لي إن المسؤول «يبلغك تحياته وعتبه.. فكيف تنشرون خبرا صيغته تقول إن الحكومة اللبنانية حليفة للحكومات الغربية، فالمعارضة والإيرانيون يستخدمون هذا الأمر لتشويه صورة الحكومة».

سألته: وهل المطلوب أن نقول إن حكومة شرعية لدولة عضو في الأمم المتحدة لا تتمتع بعلاقات جيدة مع المجتمع الدولي؟ وهل على الحكومات العربية أن تحالف الجماعات المتطرفة لتحظى بدعم وشعبية؟

هكذا كانت عملية تشويه صورة الحكومات العربية الشرعية، من قبل الإعلام الإيراني والسوري، والسؤال أين هم الآن من رسالة نجاد لأوباما، وأين هم من تحركات سورية مع إسرائيل، أو هدنة حماس مع تل أبيب؟

ولذا فإن في رد أوباما على رسالة نجاد درسا يجب استيعابه، خصوصا عندما قال إن في أميركا حاليا رئيسا واحدا وهو جورج بوش. وهذه رسالة يجب أن تفهمها إيران في منطقتنا أيضا.

واشنطن ليست لبنان حيث تخاطب طهران نبيه بري، أو حسن نصر الله، وتتجاهل الرئيس أو رئيس الوزراء، أو تعاقب إيران محمود عباس فتستقبل خالد مشعل، وتتحايل على صد السعودية وغيرها لها من دول مجلس التعاون بدعوة من دولة خليجية أخرى!

لا خطأ في أن تسعى إيران لعلاقة طبيعية مع أميركا، لكن ليس بابتزازنا واستسلامنا حيث نعطل مصالحنا من أجل طهران. هذه هي الرسالة، ولا بد أن نستوعبها، ويستوعبها المضحوك عليهم بيننا، سواء طوعا أو بالتضليل.