بحيرة المسك!

TT

يصف الأديب الراحل أحمد السباعي مدينة جدة بأنها «السباقة إلى كل جديد، الجريئة في اصطناع كل موضة»، وقد انعكست هذه السمات السيكولوجية على واقع المدينة خلال عقد السبعينات من القرن الماضي، فكانت السباقة على المستوى الخليجي في التحديث والتطوير والانطلاقة العمرانية، لكن مرت على هذه المدينة عقب ذلك بعض الحظوظ العواثر فتجاوزتها الكثير من المدن الجامحة، ولم تعد «رابحة» كعادتها ضمن كوكبة المقدمة، وترهلت العروس بأحيائها العشوائية، وهشاشة بنيتها التحتية حتى غدا حاضر هذه المدينة بكل منجزاته ومكتسباته وجمالياته مرهونا بساتر ترابي قابل للانهيار في أية لحظة، وإذا حدث ما نخشاه فهذه المدينة ستتعرض بكل المعايير لأكبر وأغرب كارثة صحية وبيئية، فالسد الترابي الذي يفصل المدينة عن بحيرة الصرف الصحي التي تحوي أكثر من 10 ملايين لتر من مياه الصرف الصحي، وتنتشر على مساحة ثلاثة ملايين متر مربع غدا يشكل كابوسا يؤرق المدينة وسكانها، فقد تصحو المدينة في أية لحظة على طوفان المياه الآسنة.. وفي موسم الأمطار الذي نعيشه يرتفع منسوب مياه البحيرة، ويزداد خطرها، وقد أحزنني أن عضو المجلس البلدي في المحافظة بسام جميل أخضر لم يجد ما يفعله سوى التحذير من خطر الانهيار، بعد أن قام بزيارة الموقع، ولم يجد أثرا لفرق إنقاذ، أو حضورا للأمانة أو أية جهات معنية أخرى، وكنت أظن أن للمجلس البلدي المنتخب دورا يتجاوز التحذير إلى المشاركة في المسؤولية، خاصة أن تقرير اللجنة المتخصصة بالسدود الذي رفع لوزارة المياه والكهرباء، يشير إلى أن السد الترابي غير كاف لحجز المياه، وقد ينهار في أية لحظة، وأن الخطر يزداد مع هطول الأمطار، وارتفاع منسوب المياه، وازدياد الضغط على السد.

باختصار كل المؤشرات العلمية تعكس حجم المخاوف، التي يمكن أن تتعرض لها المدينة في أية لحظة، ومن كثرة ما كتب عن هذا الخطر المحتمل، وما أطلق من تحذيرات، وما تشكل من لجان من دون جدوى، غدا الناس، وهم يتعايشون مع هذا الخطر، لا يجدون ما يفعلونه سوى التندر بهذه البحيرة بدءا من تسميتها بـ«بحيرة المسك»، إلى التوصية بوضع ستر نجاة من الغرق في بيوتهم وعرباتهم، تحسبا لفيضان نهر المسك.. وحسبنا الله.

[email protected]