دبلوماسية الزواج

TT

الزواج بالأجنبيات مشكلة متواصلة ولكنها تتضاعف بالنسبة للدبلوماسيين. وصلت المشكلة أوجها في عهد صدام حسين عندما أصدر أمرا أوقع المتزوج بأجنبية أمام هذا الخيار العسير. إما أن يطلق زوجته أو يستقيل من وظيفته. انتهز الكثيرون منهم، وكان بينهم أحد السفراء، هذه الفرصة ليتخلصوا من زوجاتهم. وهو ما حرم منه المتزوجون بعراقيات. لم يخطر لصدام حسين أن من لا يخلص لزوجته لا يخلص لوطنه. وأين صدام حسين من سعد زغلول. كان وزيرا للمعارف عندما تقدم للبعثة للدراسة في فرنسا أحد الخريجين.

لاحظ الزعيم المصري أن الرجل كان متزوجا وله أطفال. قال له كيف يا ولدي ستدرس وتعيش على راتب تلميذ ولك زوجك وأولادك؟ قال، سأطلقها يا معالي الوزير. أخذ سعد زغلول القلم وشرح على طلبه: يرفض. هذا رجل لا يؤتمن على تربية أولادنا.

بيد أن صديقي إسماعيل حمدي لم يتردد في موقفه عندما طرح عليه الخيار بين زوجته الأجنبية ووظيفته في السفارة العراقية بلندن. قدم استقالته وقال: يريدونني أترك زوجتي من أجل وظيفة؟

غير أن الأمر كثيرا ما انطوى على بعض المواقف الكوميدية. وقع دبلوماسي عراقي في حب فتاة أوكرانية التقاها في طهران. أدرك أن وزارة الخارجية لن تسمح له بالزواج بها كمواطنة سوفيتية في أيام الحرب الباردة ومعاداة الاتحاد السوفيتي. تزوجها سرا. بيد أن أصدقاءه بادروا فورا إلى فعل ما نتوقعه من أصدقاء هذا الزمان فوشوا به إلى الوزارة بما فعل. تلقى بعد بضعة أيام كتابا من الوزارة يقول: نحن والحالة هذه سنغض النظر عن الموضوع ولكن يرجى عدم تكرار ذلك في المستقبل. وعلى عكس ذلك، وقع دبلوماسي آخر بحب امرأة أمريكية التقاها في الكويت. التزم بالتعليمات ففاتح الوزارة بالموافقة على زواجه بها. انشغلت الوزارة في التحقق من حسبها ونسبها وأي علاقات لها بشركات النفط، فلم يتسلم الموظف موافقتها إلا بعد ثلاثة اشهر.

وكما نتوقع، غيرت الفتاة الأمريكية رأيها أثناء ذلك وقررت مصاحبة امرأة إيرانية في التفرج على إيران. ويظهر أن الموظف المذكور كان مهوسا بحب أمريكا ككل المسؤولين العراقيين في هذه الأيام. فوقع في حب سائحة أمريكية جاءت للتفرج على آثار الأردن. فاتح الوزارة مرة ثانية للموافقة على هذا الزواج. وحدث نفس الشيء.

مرت أشهر على التحريات كانت خلالها قد غيرت الفتاة هواها ووقعت في حب إسرائيلي أخذها لتعمل راقصة في تل أبيب. أبلغ الموظف الوزارة بإلغاء الزواج فجاءه هذا الجواب من المدير المسؤول: بالنظر لتكرر طلباتك في الموضوع، نرى أن من الأصلح لك أن تتزوج أولا ثم تطلب منا الموافقة على الزواج.

www.kishtainiat.blogspot.com