هل سيميل أوباما إلى محور إيران؟

TT

كل يخمن بماذا سيظهر عليه الرئيس المنتخب باراك اوباما بعد أن يصل إلى البيت الأبيض، وقد بقي أكثر من سبعين يوما على تبديل الرئاسة. واستنادا إلى أقوال رددها أوباما إبان الحملة الانتخابية، استنتج البعض بأن الرئيس الجديد سيغير خريطة التحالفات في المنطقة، وسيتصالح مع إيران وفريقها.

مطلقو هذه البشائر ليسوا بالضرورة على خطأ، فهناك تيار في الشأن الأميركي ظهر في الفترة الأولى لرئاسة جورج بوش الابن، وخاصة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر ودعا إلى الانفتاح على إيران. والغريب أن دعاة هذا التيار كانوا من أقصى اليمين الذين طرحوا أكثر الأفكار تطرفا قائلين إن على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في علاقتها مع أكثر حليفين لأميركا تقليديا، مصر والسعودية. وبعضهم ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بالدعوة إلى معاداة هذين النظامين، مما يعني تلقائيا الانتقال إلى المعسكر الآخر، الإيراني.

أمران حالا دون نجاح هذا التفكير الثوري؛ الأول أن بوش نفسه على قناعة شخصية بأهمية العلاقة مع مصر والسعودية، وأجهض مبكرا أي حديث عن الانقلاب في أسس العلاقات الأميركية في المنطقة. أما الثاني فكان إيران التي لم تنتهر الفرصة وتتعاون مع واشنطن، رغم أن الأميركيين قدموا لها ما عجزت عن فعله في عشرين سنة بإسقاط نظام صدام.

الحديث يتكرر مع قدوم أوباما الذي قال إنه يخالف بوش ويؤيد التحاور مع الإيرانيين دون أن يشترط أن يوقفوا مشروعهم النووي. وفي كتاب صدر حديثا بعنوان «الشيطان الذي تعرفه»، يقول روبرت بير إن على الولايات المتحدة أن تعترف بأهمية إيران ونفوذها. وأن الشيطان، أي النظام الحالي في طهران، خير لها من شيطان لا تعرفه، وأن التعامل معه يصب في المصلحة الأميركية لتقليل الخسائر العسكرية والسياسية في المنطقة.

هذه وجهة نظر تحتاج إلى نقاش طويل لأن التصالح مع إيران مشكلة معقدة لا يكفيها فتح سفارة، فالثمن الذي تتوقعه طهران ربما أكبر من قدرة واشنطن على دفعه. ومن يدري قد ينجح أوباما في فتح باب البيت الأبيض للشياطين الطليقة في المنطقة، وقد يحصل منهم على التزامات مهمة تخفف من الاحتقان والمعارك.

سيناريو مثير حقا، لا أستبعد أن يجربه أوباما، بعد أن فشل بوش من قبل، لكن ليس بالصيغة التي يروج لها البعض. فأي رئيس أميركي جديد، مهما كانت سياسته، يعلم جيدا أن السعودية دولة مهمة تنتج تسعة ملايين برميل نفط يوميا وبالتالي لها دور سياسي واقتصادي بالغ الخطورة، والاقتصاد هو الملف الأهم اليوم. أيضا السعودية قبلة مليار مسلم، وعامل استقرار على الدوام. أما مصر فهي الدولة الأكبر عربيا، ومن الخطورة تجاهلها أيضا، وسنوات عبد الناصر لم تمح من الذاكرة بعد. أما الفريق الآخر فلا يملك شيئا يعطيه إلا وقف العنف، وهو أمر يستحق التفاهم عليه لكن ليس بأي ثمن.

إن أراد أوباما أن يجمع كل الخصوم في سلة واحدة ويتعامل معهم بتساو، ربما ينجح في الأشهر الأولى لكنه سيجد صعوبة في الاستمرار هكذا لأنه سيخسر على الجانبين وبالتالي سيكتشف ما سبقه إليه بوش وكلينتون وبوش الأب وريغان.

[email protected]