الضبعة والكتكوتة

TT

دخل عليَّ بدون استئذان ومرحه وصفيره يسبقه وقال: هل تريد أن تعرف ما أتمتع به من ذكاء أيها الكاتب شبه الغبي؟!، صمتُ ولم أجبه. قال: إن لي علاقة مع امرأتين.

قلت له: إن كانت تلك العلاقة شرعية فهاتها، وإن لم تكن كذلك فأحسن لك (تلايط) ـ ومعناها سكّر فمك ـ، فإنني على خلق لا بأس به، وأهلي ربوني على (الدغري).

قال: إنها إن شاء الله شرعية، فأنا متزوج من امرأتين، واحدة أسكنها في جنوب المدينة، والأخرى في شمالها، ومكتب عملي يقع في المنتصف تقريباً، وقد عقدت اتفاقاً مع المرأتين أنني سوف أركب أي (أتوبيس) يصل أولا كيفما كان (وكل واحدة هي وحظها)، وقد قبلتا ووقعتا على ذلك الاتفاق.

وكانت هناك محطة قريبة من المكتب تصلها الأتوبيسات المتجهة إلى الشمال والجنوب غالباً بالتساوي مرة كل عشر دقائق.

وحيث إنني أحب زوجتي الشمالية أكثر، فقد حسبتها وعرفت أن الأتوبيس المتجه شمالا يصل دائماً إلى تلك المحطة بعد السيارة المتجهة جنوباً بدقيقة واحدة، وهكذا يكون الأتوبيس المتجه جنوباً هو أول سيارة تصل، وإذا جئت إلى المحطة في أي وقت آخر فإن الأتوبيس المتجه شمالا سيأتي أولا، ولما كان وصولي إلى المحطة يحدث كيفما اتفق فإن احتمالات ذهابي إلى شمال المدينة هي (9) إلى واحد.

قلت له: ما شاء الله على عبقريتك، ولماذا كل هذه الحسابات والاتفاقيات والمعاناة؟! اقصرها يا أخي من أولها، وإذا كنت لا تريد زوجتك الجنوبية أطلق سراحها وافتح لها الباب.

قال: المعضلة إنها تشبه (الضبعة) كما أن هناك (مؤخراً) يلزمني دفعه، كما أن والدها أقرضني مبلغا كبيرا من المال لا بد أن أسدده، وفوق ذلك لديها أربعة من الإخوة كل واحد منهم أشرس من الآخر «يعني قتالين قتلا».

قلت له: يا ساتر، وماذا عن المرأة الشمالية؟!

ضحك حتى ظهرت نواجذه وسالت بعدها (سعابيله) وقال: اسم الله عليها ربي حارسها، حلوة وكتكوتة وصغيرة وفقيرة ويتيمة (ومسيكينة)، وإيش ما قلت لها قالت: (سم)، إذا قلت هرولي هرولت، أو انضجعي انضجعت، أو نامي تحت السرير نامت، أو اقفزي من فوق الدولاب قفزت، أو ارقصي رقصت، أو كبِّسي قدمي كبَّست. قلت له: أنت على هذا الأساس متزوج من لعبة (باربي)، وسألته: ولكن هل تلبي أنت كذلك طلباتها؟!، قال: تقريباً. سألته: هل لو قالت لك هرول تهرول؟ ـ: ما أقدر. أو انضجع؟! أجابني: أنضجع على طول بل وانبطح لها. أو نام تحت السرير؟! ـ: لا أستطيع فبطني وضخامة جثتي تمنعانني من ذلك. أو اقفز من فوق الدولاب؟! ـ: مش ممكن لأنني سوف أتكسر وأتفجر. أو ارقص؟! ـ: عيب عليك (من رقص نقص). أو لو أنها قالت كبِّس قدمي؟! ـ: فاكبِّس أبو جدها بل و(أدغدغها) كذلك، وما أروع كركرتها.

عندها بلغ صبري منتهاه، وبدأ العرق يتفصد من جبيني وقلت له: (يا هب الريح) ـ أي يا أخي العزيز ـ أغرب عن وجهي ثكلتك أمك، دعني في ما أنا فيه من حال، قطعت عليَّ وحدتي التي كنت مستمتعاً فيها، وأخذت تحكي لي قصتك مع زوجتيك، مالي أنا (وغثاؤك) هذا؟!، فلتذهب معهما إلى الجحيم.

انسفطت ملامحه، فتبسمت في وجهه مجاملا وفتحت له الباب قائلا: شرف من غير مطرود، وخرج. عندها تنفست الصعداء، وأخذت ألعب (الايروبك)، رياضتي المفضلة في هذه الأيام.

[email protected]