الاحتفاء بأوباما على الطريقة التركية

TT

كما هو الحال في الكثير من المدن والعواصم كانت فرحة الكثير من الاتراك بفوز المرشح الديمقراطي اوباما لافتة بل ومحيرة. مرة اشعلت سجالات سياسية بين القيادات ورؤساء الاحزاب ومرة اخرى بين السياسيين ورجال الاعلام ومرات عديدة قادت الى اعلان الابتهاج على الطريقة التركية رقصا وغناء وولائم وأضحية.

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رد بقسوة على احد اهم الكتاب الاسلاميين المحسوب عليه اساسا فهمي قورو الذي شبه أردوغان بسبب قراراته ومواقفه السياسية الاخيرة خصوصا في التعامل مع الموضوع الكردي بجورج بوش بعدما كان معظم الاتراك يراهنون عليه ليكون اوباما تركيا في الامس القريب، فقال غاضبا «انا رجب طيب اردوغان لست بوش او اوباما واذا كنت مصرا على مقارنتي بأحد فتلفت من حولك وانظر الى تاريخ الاتراك العريق ولتكن البداية مع اتاتورك ومحمد الفاتح ويافوز سلطان سليم». لكن اردوغان كان اشد قساوة مع من ارسل برقيات تهنئة الى اوباما من الاكراد يطالبونه بدعمهم في تحقيق حلم الدولة الكردية فقال مذكرا ان الرياضيين الاميركيين من اصحاب البشرة السوداء كانوا عندما يحققون انتصارا يرفعون العلم الاميركي على اكتافهم ويركضون ملوحين به، هل تفعلون انتم ذلك لتأكيد مواطنيتكم وولائكم لتركيا؟ وبين ما استوقفنا ايضا كانت الحرب الاعلامية التي اندلعت بين اهم الاقلام التركية حين انتقد البعض مسارعة مجموعة من الاعلاميين والمفكرين للاصطفاف في طابور من دفعهم الحماس لهدر الدموع وهم يتابعون مشاهد وصول اوباما الى البيت الابيض «الذين يعرفون غرفه الخلفية جيدا حيث يتمركز الاصدقاء في ادارة بوش وها هم الان ينقلون البندقية الى الكتف الاخر».

في مدينة اضنة الجنوبية وعلى انغام الطبل والزمر نحر احد اصحاب المطاعم 5 خراف ووزعها على الفقراء احتفاء بالمناسبة وهو يقول عانينا كثيرا من بوش وسياساته واملنا ان يضع اوباما حدا لذلك ويلتزم بشعار التغيير الذي اطلقه. وصاحب احد المطاعم التركية اعد للمناسبة سيخا من الكباب بطول 5 امتار، علبه بطريقة جيدة وارسله الى اسرة اوباما لتأكله بالعافية تعبيرا عن فرحته بهذا الفوز، لكننا لم نعرف ما اذا كان قد وصل أم لا.

الوزير التركي المعروف محمد ايدن اختار اللجوء الى الاغنية التي اعتمدها اوباما خلال حملته الانتخابية «نستطيع ان نفعلها» اثناء المؤتمر النسائي لحزب العدالة والتنمية في مدينة ازمير، مشعلا بذلك عاصفة من الحماس والتصفيق.

احد المرشحين الاتراك لانتخابات البلدية المرتقبة في الربيع المقبل اعلن انه يتابع من بعيد ومنذ عامين الحملة الانتخابية لاوباما وانه لم يكتف بذلك بل كتب الى المشرفين على الحملة لاستضافته في الولايات المتحدة ليتابع على الارض تفاصيل البرامج والتحركات لانه سيعتمدها خلال حملته المقبلة وكان له ما اراد.

سكان سهل «باراك» في مدينة عينتاب بعثوا ببرقيات الى اوباما مهنئين بالفوز وموجهين الدعوة لزيارتهم في قريتهم التي تحمل الاسم نفسه، حيث بدأوا من الان يمنون النفس أن يكون هو ايضا من شجرة العشيرة المبعثرة بين الاناضول وكينيا والولايات المتحدة. واهم الاحتفالات جرت في احدى قرى مدينة «فان» الواقعة في شرق تركيا حيث احتشد اهالي قرية «شاووش تابه» بعد صلاة الجمعة في ساحة القرية ونحروا 44 خروفا تكريما لأوباما الرئيس الـ 44 للولايات المتحدة الاميركية.

احد القرويين الذي تحدث باسم الحشد قال وسط تظاهرات الترحيب والشعارات واليافطات المرفوعة اننا نحتفل بهذه المناسبة لأن اوباما وعدنا بالتغيير ونشر السلم في العالم ولأنه من اب مسلم وصل الى هذا المنصب بصبر وعزم وطلبنا الوحيد منه هو أن يعود الى دين والده معلنا انهم اعدوا هدية سيرسلونها الى الرئيس الاميركي الجديد هي عبارة عن قطة من قطط المدينة الزائعة الصيت عالميا بسبب لون عينيها وما ترمز اليه من امل وشفقة. واحد القراء «الخبثاء» علق على الخبر قائلا: سمعنا عن البطة العرجاء لكننا لم نسمع عن البطة البلهاء. بالمناسبة كيف هي احوالكم في القرية كيف احوال الجوع عندكم؟ انتظروا عل اوباما يرسل لكم امدادات من الجو تسد احتياجاتكم... بينما كان الاهالي يرقصون وينشدون على انغام الطبل والزمر كان الرئيس الاميركي الجديد يضع اللمسات الاخيرة على قرار تكليف احد اعوانه رام اسرائيل ايمانويل بتولي منصب السكرتير العام للبيت الابيض.

اسابيع قليلة ويستفيق بعض الاتراك من حلم اليقظة والتحليق في الفضاء بأجنحة اوباما عندما يكتشفون أنه اولا واخيرا اميركي الجنسية وانه سيقدم مصالح بلاده على كل المصالح الاخرى تماما كما حاول بوش ان يفعل رغم انه سقط واسقطنا في مستنقعات من الفشل وخيبة الامل.

* كاتب واكاديمي تركي