انتصار صلاح منتصر

TT

أقر واعترف بالهزيمة أمام صديقي صلاح منتصر فقد كان هناك رهان بيني وبينه أن أوباما سوف يخسر الانتخابات الأمريكية وأن ماكين سوف يصبح رئيساً لأمريكا... وقد اعتمدت في ظني هذا على معرفتي بالشعب الأمريكي حيث عشت بينهم سبع سنوات في مدينة فيلادلفيا وقمت بالتدريس في جامعة لوس أنجليس لمدة خمس سنوات، وأعرف جيداً مدى سطحية المواطنين الذين يعيشون في الجنوب ووسط أمريكا وأعلم أن التمييز العنصري لا يزال موجودا بين الأمريكان وإن كان دفيناً تحت السطح، فلم يكن في الإمكان تخيل وصول أمريكي أسود إلى مقعد الرئاسة بالبيت الأبيض فلم يحدث ذلك إلا في المسلسل التليفزيوني الشهير 24 ساعة. لم يكن هذا هو رأيي فقط بل إن بعض الديمقراطيين أنفسهم كانوا يعلمون أن هناك الكثيرين ممن يتظاهرون بمساندة أوباما لكن عند لحظة الوصول إلى صناديق الاقتراع سيضعون نصب أعينهم صورة أوباما وأبيه حسين المسلم الكيني الأصل والمولد وصورة زوجة أوباما وبنتيهما في البيت الأبيض ولذلك سيقومون بالتصويت لماكين ليس حباً له وإنما لصعوبة التغلب على مشاعرهم تجاه اللون والعِرق والدين.

ورغم أنني خسرت الرهان مع صديقي صلاح منتصر إلا أنه قد صدق ما توقعته عندما ذكرت في المقال السابق أنه في حالة فوز أوباما سيكون السبب الرئيسي هو الاقتصاد الأمريكي الذي يمر بأسوأ حالاته منذ أزمة العشرينات من القرن الماضي. وبالفعل جاءت نتيجة التصويت أن أكثر من 50% من الأصوات التي أعطيت إلى أوباما كانت تحت تأثير عامل الاقتصاد. وفي الحقيقة فأنا سعيد جداً بخسارتي لهذا الرهان الذي كنت أتمنى بالفعل أن أخسره وأدفع ثمن العشاء الذي سوف أفوز فيه بصحبة شخصين قريبين إلى نفسي وقد طلبت أن ينضم إلينا صديقي سليمان جودة الذي وقف بجانبي وأيدني في الرهان ولذلك فربما أطلب منه أن يساهم في ثمن العشاء حيث أن صاحب الدعوة دمياطي أصيل.

لم أكن أتصور أن جون ماكين يمكن أن يصبح رئيساً لأمريكا حيث قابلته مرتين وفي المرة الأولى أعطيته درساً قاسياً فى أدب الحوار، والمرة الثانية عندما حصلت على جائزة أفضل 100 شخصية من مجلة التايمز وتجاهل كل منا الآخر، وكنت على يقين بأنه في حالة فوزه فسوف يدفع القاطرة الأمريكية إلى الخلف وبقوة قد يحسد عليها أضف إلى ذلك مساعدته سارة بالين التي اختارها لكي يؤكد عدم خبرته وليزيد عدد الذين يكرهونه فهي تجبرك على أن تكرهها بمجرد الاستماع إليها والنظر إلى تصرفاتها وجهلها المدهش. وبلا شك فإن سياسة بوش الغريبة وكره الشعوب المتقدمة وغير المتقدمة لسياساته الديكتاتورية قد أسهمت بدون شك في الإيقاع بالحزب الجمهوري في مستنقع الهزيمة. بالفعل أعطى الشعب الأمريكي درساً قاسياً لكل السياسيين الذين قادوه في السنوات الثماني الماضية إلى هذه الحالة من التأخر وتباطؤ النمو الاقتصادي فتراكمت الديون عليه وفقد الكثيرون ليس فقط وظائفهم بل أيضاً مساكنهم التي تؤويهم. كذلك هو درس إلى كل المتعصبين وأعداء الديمقراطية والتغيير فلقد اختاروا من أقنعهم بأنه الأقدر على قيادتهم في المرحلة المقبلة دون النظر إلى اللون أو الدين..

مبروك لأوباما وهنيئاً ليّ بلقائي مع الأصدقاء على العشاء....

www.guardians.net/hawass