موعد تاريخي جديد

TT

مع بدايات العام الأربعين لثورة الفاتح أعلن العقيد معمر القذافي أن قراره تسليم عائدات النفط مباشرة الى الشعب «غير قابل للنقاش» لأن النفط هو «الثروة الوحيدة للشعب الليبي» ولأن الادارة فاسدة، كما هي في كل مكان من العالم. كيف يتم ذلك؟

لم يطرح البرنامج التفصيلي حتى الآن لكن الأرجح ان هذه المهمة المعقدة سوف توكل كالعادة الى «اللجان» باعتبارها خالية من الفساد وتمثل الشعب تمثيلاً مباشراً، عادلاً، ونقياً.

يتوقف المرء أمام نقطتين: إذن ماذا حدث، في ظل فساد الادارات، للعقود الاربعة الماضية من مداخيل النفط، وماذا صرف منها على الشعب، وماذا صرف على الفساد؟ إذ بموجب معدل عام بسيط، ومتواضع، لا بد ان تكون ليبيا قد أفادت خلال العقود الاربعة من حوالي ألف مليار دولار، مع احتساب سنوات الطفرة وسنوات الوفرة وسنوات القلة. والى أربع سنوات خلت لم تكن الدولة تقدم موازنات معلنة حول توزيع الدخل الذي يقول العقيد إنه الدخل الوحيد.

لكن الاقتصاديين يقولون إن ليبيا، بمساحاتها وتنوع اراضيها، بلد ذو ثروات عظيمة، في اليابسة وفي المياه. وتبحث نحو 70 شركة عن الصيد البحري السمين على طول الساحل الليبي الذي يمتد على حوالي 2000 كيلومتر، أي ضعف المسافة ما بين بيروت ومصر. وفي ليبيا مناطق أكبر من لبنان وفيها جباله وشلالاته ومياهه. وفيها ثروات تاريخية مشابهة لبعض ثروات مصر. وفيها من المناجم والثروات المعدنية الكثير. وتشكل هذه، مجتمعة، نحو 20% على الاقل من الدخل القومي المسجل. وبالتالي لا بد ان توزع على الشعب الليبي الى جانب التوزيع المباشر للثروة النفطية، عندما يتم العثور على آلية بشرية قادرة على توزيع حوالي 60 مليار دولار في السنة على أربعة ملايين بشري، بالعدل والتساوي.

ولم تعد هناك الآن مشكلة حول خفض الدينار (نحو 50%) أو رفعه لأن سعر الصرف قد حدد بموجب الاتفاق مع البنك الدولي والمؤسسات الدولية التي عادت الجماهيرية العظمى الى الاعتراف بها. لم يبقَ سوى آلية التوزيع. وعندما تتحقق سوف تكون تلك أول سابقة من نوعها في تاريخ البشرية. لكن ربما يتعين قبل ذلك انشاء بضعة بنوك في بلد مترام، ليس فيه سوى البنك المركزي. وعدالة اللجان.