رجال حسبة وشباب و«بولنج»!

TT

أن يقوم فريق من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجدة بقيادة رئيس الهيئة في المحافظة علي بن محمد آل حيان بلعب مباراة في رياضة «البولنج» بأحد المراكز الرياضية في مواجهة مجموعة من الشباب، فهذا أمر جيد من شأنه تعزيز صورة الهيئة الإيجابية، وتقريب المسافة بينها وبين شريحة هامة من شرائح المجتمع، وكذلك إزالة الرؤى التي علقت ببعض أذهان الشباب حول رجالات الحسبة فيما يتصل بمواقفهم من الرياضة، والترفيه البريء، ومشاركة الآخرين النشاطات والاهتمامات.. وفي تقديري أن المكاسب التي حققتها الهيئة بمشاركة الشباب في ذلك المساء بعض نشاطاتهم لها أثرها الذي يفوق الكثير من الوسائل الأخرى التي تعتمدها الهيئة للتواصل مع المجتمع، فالهيئة التي ارتبط اسمها إيجابا بإزالة الكثير من المنكرات كصناعة الخمور والشعوذة والدجل وابتزاز الفتيات، في حاجة أيضا إلى تعميق ارتباط اسمها بالمزيد من الخبرات المبهجة في أذهان الشباب كالمشاركة في المناسبات الرياضية والاجتماعية والترفيهية وغيرها من المناسبات التي من شأنها ترسيخ المشاعر الإيجابية المتبادلة بين أعضاء الهيئة وأفراد المجتمع.

ومما ينبغي التوقف عنده في هذا المقال أيضا للدلالة أن فريق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجدة أثبت أنه يمتلك مهارات جيدة في لعبة «البولنج» بدليل فوزه بـ 187 نقطة مقابل 159 للفريق المقابل، الأمر الذي يضع صورة أعضاء الهيئة في إطارها الواقعي، فهم مثل غيرهم من الناس يعملون، ويجدون رغم مسؤولياتهم الوقت لممارسة الرياضة، وإتقان بعض مهاراتها، ويرفهون عن أنفسهم كما يفعل الآخرون، وبعبارات أخرى فهم ليسوا كما يسعى البعض إلى تصويرهم بأنهم أعداء للفرح، ويعيشون في عزلة عن الآخرين ومتغيرات الزمن.

إن ما قامت به الهيئة في صالة المركز الرياضي خطوة رمزية للتأكيد على الرغبة في تغيير الصورة النمطية التي علقت ببعض الأذهان حول حضور الهيئة، وأنقل هنا جزءا من نص خبر صحافي عن تغطية هذه المناسبة: «إن مرتادي السوق فور رؤيتهم سيارة الهيئة بادروا بالابتعاد وهم يستعدون لحملة دهم (روتينية) متطلعين إلى معرفة حصيلة هذه (الكبسة) ومشاهدتهم وهم ينقادون إلى الجيب (المشهور)، غير أن أمل الجميع قد خاب».. فالهيئة هذه المرة لم تأت لشيء مما ذكر بل جاءت لتعميق التواصل والمحبة..

شكرا لتلك النماذج الجميلة من رجال الحسبة الذين آثروا كسر الحواجز النفسية التقليدية فقاموا بهذه الخطوة الرمزية الثرية في دلالاتها، فالأمر بالمعروف تحكمه عوامل القرب والبعد والمحبة، فكلما اقتربت الهيئة من الشباب معلنة حبها لهم كان أثرها أهم وأعظم، وكانت استجابتهم أسرع وأرحب.

[email protected]