هو أيضاً ذاهب

TT

... أيضاً لن نرى ديك تشيني بعد اليوم. أول نائب رئيس يتمتع بمثل هذه الصلاحيات وأسوأ نائب رئيس يستغل كل هذه الصلاحيات. لقد كانت صورة البيت الابيض في عهد بوش ـ تشيني مثل صورة اوروبا في مرحلة هتلر وموسوليني. فقد الاميركيون حرياتهم المدنية وعادت فاشية ماكارثي وعرف فساد الحرب في العراق مستويات غير مألوفة في روسيا أو ايطاليا. وربما، فقط ربما، لبنان.

في خطبه وعد أوباما بإنهاء بثور وأورام المرحلة الماضية، لا ديك تشيني بعد اليوم ولا شركاته في العراق ولا ابنته المعروفة بالعداء للرجال. كانت هناك حربان، تقول «النيويورك تايمس»: واحدة مجنونة في العراق وواحدة ضرورية في افغانستان. ما هي «ضرورة» الحرب في أفغانستان؟ الخوف على سقوط باكستان وقنبلتها النووية؟ الخوف من تحول كابل الى مصنع للارهاب؟ لقد انتهت ولاية بوش وعهد تشيني وفي العالم ثلاثة طلقاء: بن لادن والظواهري والملا عمر، الذي شوهد لآخر مرة يركب دراجة بخارية في تورا بورا. كم هي الاخبار سخيفة احياناً. تصور ماذا يريد الاعلام العسكري الاميركي: لقد فرَّ الملا عمر على موتورسايكل خلال موعد قيلولة طائرات الستيلث والاقمار الصناعية وقاذفات ب 52، غوبلز كان صراحة في الكذب وإن يكن مستوى الكذب وإن يكن مستوى ثقل الدم واحداً.

أميركا في كارثة، داخلاً وخارجاً، وقد نشر بوش «الفوضى الخلاقة» في الخارج لكنه دمر بلده بالفوضى غير الخلاقة والقرارات التي لا تشبه سوى فظاظة ديك تشيني: إلغاء الضمان الاجتماعي للمحتاجين. خفض ضرائب الاغنياء. التعامي عن أي رقابة مالية أو اقتصادية. لقد كلف انهيار برجي التجارة ـ وفق حسابات بن لادن نفسه ـ نحو 200 مليار دولار من الخسائر الاقتصادية. فكم ملياراً كلف انعدام الرقابة الاقتصادية في البنوك والاسواق والعقار. وكم ملياراً كلف الفساد في العراق.

متى يبدأ أوباما في تنظيف آثار ادارة الشؤم الكبير؟ هل ينتظر الى حين تنصيبه في 20 كانون الثاني؟ هل تحتمل أميركا شهرين آخرين من قرارات جورج بوش وديك تشيني؟ لقد وصلت البطالة الى اعلى مستوى لها منذ 1945. ويتوقع أن يصل عدد العاطلين في العالم الى 210 ملايين جراء الكارثة الاقتصادية. ولا تنتهي ولاية بوش إلا وتكون الصين أكبر كفيل مالي للولايات المتحدة والشكر لعهد أخرق قليل المعارف.

لا نزال في بداية الطريق. ليس منا من يعرف مدى الكارثة وليس من يعرف مدى الفضائح التي سوف تكشف بعد ذهاب بوش وتشيني الى مزرعتيهما، حيث لا مسؤولية تذكر على سلوك الكاوبوي.