كيف نوقف مسلسل العنف ضد الأطفال؟

TT

تتوالى هذه الأيام إعلاميا أخبار العنف الأسري ضد الأطفال في السعودية، وتضم قائمة ضحايا العنف أسماء الأطفال: غصون، رهف، بلقيس، ريماس، أريج، لين، روان، راكان، شرعة، بيان، وغيرهن، وقد بلغت بعض أعمال العنف تخوم القتل كما حدث لغصون، وبلقيس، وريماس، وأريج، وشرعة، وبيان.. وتواجه المحاكم السعودية هذه الجرائم بقدر كبير من الحزم، كان آخره الحكم الصادر بقتل والد أريج تعزيرا، وسجن زوجته 5 سنوات وجلدها 1000 جلدة، وقد سبق في يناير الماضي تنفيذ حكم القتل تعزيرا بأحد الآباء بعد إدانته بتعذيب ابنته من زواج سابق طيلة عام كامل مما أدى إلى وفاتها، ونفذ حكم الإعدام أيضا على زوجته التي أسهمت معه في ممارسة تعذيب تلك الطفلة.

والملاحظ أن الكثير من حالات العنف الأسري حدثت ضد فتيات صغيرات غيب الطلاق أمهاتهن، وحصل الآباء على أحكام برعايتهن، حيث أخذت الطفلة غصون من والدتها قبل عام من وفاتها بحكم شرعي، وقريب من هذا الأمر حدث للطفلة أريج، التي تقول والدتها لصحيفة «المدينة» السعودية: «قبل خروجي من المنزل والذهاب إلى عملي قبلت طفلتي وغادرت المنزل، وحضر والدها القاتل عند الساعة التاسعة صباحا، وأخذ طفلتي البريئة، وكان يحمل صكا في يده يقضي بتسليم ابنتي البريئة إلى القاتل الذي لم يحافظ عليها، بل قتلها بمشاركة زوجته الثانية».. وهذه النتائج تفرض على المحاكم ضرورة التدقيق عند منح أحد الأبوين حق الرعاية، فليس كل الآباء يمتلكون الكفاءة النفسية والعقلية والتربوية لرعاية الأطفال، وكم تمنيت لو أن المحاكم تستعين بلجنة متخصصة تضم متخصصين في علم النفس والتربية والاجتماع لتقرير صلاحية من توكل إليه رعاية الأطفال في حالات الطلاق، آخذة في الاعتبار الصحة النفسية، والثراء العاطفي، والكفاءة التربوية لمن توكل إليه أمر الأطفال.. أطرح هذا الاقتراح بعد أن أثبتت الحوادث ارتباط التعذيب في عدد من الحالات بالآباء وزوجات الآباء.

وكرجل اشتغل في الحقل التربوي النفسي لفترة من الزمن أؤثر أن لا يذهب الأطفال ضحايا النزاعات الجاهلة التي تحدث بين الآباء والأمهات عقب الطلاق، ومحاولة كل من الأبوين الضغط النفسي على الآخر باستخدام الأطفال أسلحة في تلك النزاعات دون تقدير لمصلحة الطفولة، فالحكمة تتطلب استمرار الرعاية المشتركة للأبوين، وأن ينعم الأطفال باستمرار التواصل مع دفء الأمومة وعطف الأبوة من خلال تنظيم الوقت بين الأبوين، فمن الحمق أن يتخيل أب إمكان استغناء طفل عن أمه، ومن البلادة أن تتصور أم قدرتها على تعويض الطفل غياب أبيه.. فمن أجل عيون الطفولة البريئة أناشدكم آباء وأمهات أن لا تدعوا قسوة البيوت المتهدمة تسرق أمان الطفولة، واسمحوا لابتساماتها أن تشرق بالأمل والحب والطمأنينة.

[email protected]