إيراني في الكويت

TT

تصاعدت أزمة دخول رجل الدين الإيراني محمد باقر الفالي إلى الكويت إلى أزمة سياسية، طالما كانت مؤجلة، وهي التلويح باستجواب رئيس الوزراء الكويتي. وأزمة الفالي شائكة لعدة أسباب.

فهناك ترصد وتعمد لاستجواب رئيس الوزراء الكويتي تحت أعذار مختلفة، ولذلك تم حل البرلمان الكويتي من قبل. كما أن أزمة الفالي تلوّح بتصعيد طائفي خطر على الكويت. ولذا فإن هناك حيرة باتخاذ موقف حيادي في أزمة رجل الدين الإيراني، على اعتبار أن هناك دوافع ونوايا على عكس ما يظهر، وأن السلفيين يدفعهم حق يراد به باطل، وهو استجواب رئيس الوزراء.

ومن هنا فلابد من التركيز على أمرين مهمين، الأول هو أنه من الواجب التأكيد على أن ما تحقق في الكويت، تحديدا في الحياة السياسية، أمر يستحق المحافظة عليه، وهذا يتطلب وعيا سياسيا، لا الاصطياد في الماء العكر، وتسجيل نقاط سياسية.

فالاستجواب أمر يكفله الدستور والعمل الديموقراطي، لكنه سلاح ذو حدين، يتطلب وعيا سياسيا كاملا، وإلا تحول العمل السياسي إلى معطل لمصالح الوطن والمواطن.

الأمر الآخر هو أن محاولات الاختراق الإيرانية لدول المنطقة واقع، وتشكل خطرا على دولنا وأمننا، وتهدد بجرنا إلى كارثة طائفية لا نحتملها، وهذا ما يجعل العقلاء في حيرة حيال اتخاذ مواقف في أزمات من هذا النوع.

الخطر الذي يتهدد دولنا ليس من الشيعة، فمعتقدات الناس لا يمكن أن تتضارب مع جنسياتهم وحقوقهم، وهذا أمر نجحت دول الخليج في تأكيده، لكن الخطر الحقيقي يتمثل بمحاولات الاختراق الإيرانية القائمة على قدم وساق في منطقتنا، وهذا ما يجب التصدي له.

ولذا فنحن في أمس الحاجة للعقلانية السياسية في الطرح والتعامل، وعدم وقوعنا في فخ الطائفية، مع التنبه للخطر الإيراني المتمثل باختراق الأموال الإيرانية لبعض دولنا، حيث إن في منطقتنا واجهات مالية للمال الإيراني. ومن خلال هذه الواجهات تخترق معاقل مؤثرة في الأوضاع السياسية والاجتماعية، بل والتعليمية، والإعلامية، ومن شأنها خلق واقع جديد للنفوذ الإيراني، مما يجعل من الصعب ازالته في المستقبل.

وعلى من يشكك في خطورة النفوذ المالي الإيراني أن يمعن النظر في ما يفعله ذلك النفوذ المالي في العراق ولبنان وسورية وبعض دول الخليج العربي وبعض دول المغرب. فالمال الإيراني ليس عامل استثمار واستقرار، بل هو استغلال ونفوذ طائفي.

ولأنه ليس كل ما يعلم يقال، فعلى المعنيين ترصد بعض الشركات في لبنان وسورية والعراق، وتحديدا الاستثمارات في النجف وبعض دول الخليج، وحتى مصر، لمعرفة حجم ونوعية الشركات التي تمثل واجهة للنفوذ المالي الإيراني.

وعليه فإن أزمة دخول رجل الدين الإيراني للكويت، لا يمكن النظر إليها بتبسيط، بسبب اختلاط الأوراق، من استغلال سياسي يتمثل بسوء استخدام عملية الاستجواب، وضرورة تجنب الوقوع في فخ الطائفية.

لكن المهم هو أن لا تلهينا المماحكات السياسية من خطورة التدخل الإيراني في شؤوننا، وتحديدا المال الإيراني المسموم، والذي يأتي تحت مسميات مختلفة، خيرية وغيرها.

[email protected]