سرقة خزانة مؤسسة النقد وسحر القبيلة!

TT

منذ البدء أود تأكيد إيماني المطلق بكل ما ورد في القرآن الكريم، ومنه ما جاء على ذكر السحر والسحرة، وما أناقشه في هذا المقال خطورة المبالغة في قدرات السحرة، لأن استغراق المجتمعات في ثقافة المبالغة هذه من شأنه إضعاف إرادة الإنسان، واللجوء إلى تعليق همومه الحياتية على مشجب السحر والسحرة.. وقد شهدت الصحافة السعودية في الآونة الأخيرة استشعارا من بعض كتابها بخطورة هذه الظاهرة، التي بدأت تخرج عن سياقات المعقول، فكتب الزميل محمد أحمد الحساني مقالا في صحيفة «عكاظ» بعنوان «لا تستخفوا بعقولنا»، ناقش فيه ما زعمه أحد الأخبار من أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استطاعت إنقاذ خزائن فرع مؤسسة النقد بالطائف من مخطط سحري كان هدفه الاستيلاء على مئات الملايين المودعة في المؤسسة، وأن عملية السحر كانت مبنية على أخذ «حفنة» من التراب الموجود أمام مبنى فرع المؤسسة لاستخدامه في السيطرة على كافة الموظفين بالفرع من البواب حتى المدير العام، ثم الدخول لتفريغ خزائن المبنى مما فيه من ملايين جاهزة لتمويل البنوك والدوائر الحكومية بالرواتب والمصاريف الشهرية!.. وختم الكاتب مقاله بالقول: «إن الزعم بأن فرع المؤسسة بالطائف كاد يتعرض لسرقة عن طريق سحر جميع الموظفين والحراس والمستخدمين بواسطة حفنة من التراب، وأنه لولا الله ثم رجال الهيئة لحصل ما لا تحمد عقباه، هو مجرد زعم سخيف وفيه قدر لا بأس به من الاستخفاف بالعقول».

وفي صحيفة «الرياض» أورد الزميل عابد خزندار في مقال له بعنوان «ثقافة الدجل» قصة أخرى من القصص التي تروج لها الصحافة، وطالب وزارة الثقافة والإعلام بحظر نشر مثل هذه الأخبار.. ومن جملة الأخبار التي تتداولها بعض الصحف ومنتديات الإنترنت، الخبر الذي يشير إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحبطت عملية سحر قبيلة كاملة، وكان السحر يستهدف زرع العداء الشخصي بين أفراد القبيلة مقابل 700 ألف ريال!.. وأنا استغرب من غباء هؤلاء السحرة، فإن كان بمقدورهم سحر كل هذا الجمع الذي تتشكل منه القبيلة بهذا المبلغ الذي لم يصل إلى خانة آحاد الملايين، فلماذا لا يتحول هؤلاء إلى طرف فاعل في الصراعات الدولية، وبدلا من أن تستخدم بعض الدول القنابل والصواريخ وأسلحة الدمار الشامل يمكنها الاستغناء عن كل ذلك بكتيبة من السحرة والدجالين لتفريق شمل أعدائها من دون توتر أو ضجيج..

أكرر إيماني بكل ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية حول السحر والسحرة، ولكن ما أرجوه هنا ضبط أخبار المبالغة والتهويل، لكيلا نلعب دورا من دون أن نقصد في دفع بعض ضعاف النفوس إلى اللجوء إلى السحرة والدجالين والمشعوذين تحت تأثير المبالغة في تصوير قدراتهم وإمكاناتهم.. وحسبنا الله.

[email protected]