المبادرة العربية في مطبخ أوباما

TT

في واشنطن يُقال ان مبعوث السلام السابق السفير، دنيس روس، أقنع الرئيس المنتخب باراك اوباما بأن يتبنى المبادرة العربية، التي صممها العاهل السعودي وتبناها العربُ بالإجماع. ويقال إن اوباما تحمَّس لها الى درجة جعلها موضوعه الأول في زيارته الى اسرائيل التي سبقت الانتخابات، وناقشها مع الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني. وتؤكد الرواية صحيفة الـ«صنداي تايمز» البريطانية. ويعززها التوجه الجديد عند الرئيس الجديد مَا صدرَ عن فريق مستشاريه الذين يحيطون به؛ وأبرزهم زبغنيو بريجنسكي، وبرينت كروكروفت، وكلاهما شغل منصبَ مستشار الأمن القومي في رئاستين سابقتين. تضافُ الى ذلك توصيات من الرئيسين السابقين بيل كلينتون وجيمي كارتر لأوباما بألا يضيع الفرصة في العام الأول من رئاسته، وان يباشر مشروع سلام للنزاع العربي ـ الإسرائيلي.

فإن كان صحيحاً أن أوباما سيبدأ من فلسطين، فانه سيلاقي هوى في الساحة الاسرائيلية، حيث اعلن كل من رئيس اسرائيل شيمعون بيريس، وسبقه رئيس وزرائها ايهود اولمرت، وشاركتهما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، بقبول الثلاثة بالمبادرة العربية. تطور مهم للمبادرة. ففي السابق، ردت عليها حكومة جورج بوش بطرح خارطة الطريق كخطة بديلة متواضعة. اسرائيل، هي الاخرى، رفضتها بشكل علني عندما كان ارييل شارون رئيساً للحكومة.

الآن صار الرئيس اوباما، وكذلك الفريق الاسرائيلي، مع مشروع المبادرة العربية، التي وافقت عليها كل الدول العربية في قمتين، ثم تبنتها كل الدول الاسلامية، مما يجعل الأمل كبيرا في حل شامل لأول مرة ينهي النزاعَ الاولَ والاكبرَ في الشرق الأوسط.

لكن علينا ألا نستعجلَ الاحتفالَ لأن منطقتنا لا تدار ولا تسير بالمنطق ولا بالحسابات السياسية او الرياضية الدقيقة، فهي تدور بشكل مخالف للعلم والعقل. إن أي حل عادل للقضية الفلسطينية ويشمل رد الاراضي السورية واقامة دولة فلسطينية يُفترض ان يكون هو أقصى أماني كل عربي، وكل انسان يؤمن بالعدالة. وهذا الامر المفترض لولا ان هناك من يريد الاستمرار في المتاجرة بالقضية الفلسطينية غير مبال بمعاناة اللاجئين، ومعاناة اهالي الاراضي المحتلة لأكثر من نصف قرن. فقد تحولت القضية الى تجارة بيعت مرات ومرات، ولن نستغرب إن طرحت للمقايضة من قبل اطراف ذات مطالب مختلفة، فهناك من يريد أموالا نقدية، وهناك من يريد سلطة، وفريق يريد قنبلة نووية، وآخرون لهم خصومات يريدون الانتقام بالسير في الطريق المعاكس، وطبعا لا ننسى الذين يريدون الإبقاء على طريق الجنة مفتوحاً على حساب الفلسطينيين في الدنيا.

مع هذا، فان كان اوباما يعرف حجم الاشواك في طريقه، فلن يعدم الوسيلة للوصول الى حل، وسيجد هذه المرة زخماً شعبياً كبيراً في الساحة العربية أكثر من أي زعيم اميركي سبقه الى محاولة حل القضية الفلسطينية. لكنه كما قال له مستشاروه أمامه فقط العام الأول حتى يحقق مشروعه. المشروع الذي هو عمليا جاهز للأكل بعد ان أنهى السوريون والفلسطينيون مفاوضاتهم التفصيلية مع الاسرائيليين حول نقاط الخلاف. والأنباء المتسربة تؤكد انهم اتفقوا دون أن يوقعوا في انتظار اللحظة السياسية المناسبة.

[email protected]