تعريب الانتخابات الأمريكية

TT

أغلب شعوب الدول العربية بعد انتخاب أوباما رئيسا لأميركا بدأت تسرح في خيال النكت والتوقعات فتفرض وتتخيل أن أحد ابناء طلابها الدارسين ترشح بعد خمسين سنة عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مثلما ترشح أوباما ذو الأصول الكينية الإسلامية لمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2008 والذي هو الآخر هاجر ابوه حسين لمواصلة دراسته في أمريكا، وعندها ستملأ مانشتات هذا الخبر الاستثنائي كبريات الصحف العالمية إذ لم يحدث في تاريخ الانتخابات الأمريكية منذ استقلال أمريكا أن يترشح عربي للرئاسة الأمريكية.

السخرية العربية حلقت في خيال النكتة فافترضت أن حسين أوباما والد الرئيس المنتخب قد وصل إلى عاصمة عربية قبل أن يسافر إلى أمريكا، فتقدم لخطبة فتاة عربية فناله ما ناله من التعليقات، ومع ذلك فقد وافقت البنت العربية بسبب محبتها له ورزقت بولد أسمته «مبروك»، إلا أن حسين أوباما تعب من القوانين والقيود فهاجر إلى أمريكا وتزوج من أمريكية بيضاء انجبت له صاحبنا المعروف «باراك».

ها هو «باراك» الآن يتبوأ أكبر واهم وأخطر منصب في الدنيا، ولكن ماذا جرى لأخيه «مبروك»؟ تقول السخرية العربية أن «مبروك أوباما» حزين هذه الأيام ومقهور بسبب رفض السلطات طلبا تقدم به للحصول على الجنسية رغم ولادته في دولة عربية ومن أم عربية، وهو الآن يلهث وراء تجديد إقامته وأفلس من كثرة الرشاوى المدفوعة، كما تعرض أكثر من مرة للترحيل في كل مرة تسوء فيها العلاقات مع كينيا، ولم يستطع «مبروك» أن يحصل على وظيفة حكومية لأنه كيني ولم يمارس المحاماة وهو المتفوق الذي يحمل شهادة في القانون لأن النظام لا يسمح للأجانب بممارسة المحاماة، ولكم بعد هذا أن تقارنوا بين باراك «المنتخب» ومبروك «المنتحب»!

باراك أوباما الذي لم يدفن في الثرى الأمريكي ولا واحد من أجداده يصوت له الأمريكيون وبأغلبية مريحة ليقود دولتهم العظمى إلى مرحلة انتقالية تحتاج فيها إلى «التغيير»، بل ليجعلوا اصبعه السمراء التي ما برحت جيناتها تفوح بريح الشاي الكيني على زناد مفاتيح ترسانتها النووية الرهيبة، والدول العربية لا تزال تتشدد في قوانين الجنسية والهجرة لتحرم أوطانها من كوادر مؤهلة وكفاءات متميزة.

الانتماء الصادق للوطن لا يترعرع إلا في بيئة يقدم فيها الوطن كامل الحرية والحقوق لكل الملتحفين بغطائه مواطنين وغير مواطنين، وعندها لا يكون ثمة فرق واضح بين الذي هاجر واستوطن عن المواطن الأصلي، بدليل أننا نرى من أصحاب الوطن الأصليين في بعض الدول العربية من لا يوجد عنده روح الانتماء لبلده بسبب الظلم، ونرى من المهاجرين من ساهموا في ازدهار الدول الغربية التي آوتهم واستقبلتهم فقط لأن هذه الدول تعاملت معهم بقدر معقول من الإنسانية والعدل والمساواة، فقدم «الأجانب» من مواهبهم وكفاءتهم على قدر العطاء، وهذه محصلة طبيعية ومنطقية واسألوا إن شئتم أحمد زويل وباراك أوباما، وليس «مبروك» أوباما.

[email protected]