.. والآن القراصنة نفطيون

TT

هناك صدمة دولية من عملية اختطاف ناقلة النفط السعودية «سيريوس ستار» التي كانت في طريقها لتدور حول رأس الرجاء الصالح عند الطرف الجنوبي لأفريقيا متجهة لأميركا، وكأن العالم لم يستوعب خطورة القرصنة التي تتم منذ فترة ليست بالقصيرة على السواحل الصومالية.

الصدمة الدولية مبررة؛ فناقلة النفط السعودية تعتبر الأكبر حجما بالعالم، حيث يصل حجمها إلى ثلاثة أمثال حاملة الطائرات، وتقدر قيمة حمولتها الحالية بسعر السوق اليومي بحوالي مائة مليون دولار.

ويمكن أن تصل حمولتها إلى مليوني برميل من النفط الخام، أي ما يعادل ربع الإنتاج اليومي للسعودية، أو الاستهلاك اليومي لبلد مثل فرنسا. عدا عن أن عملية اختطاف الناقلة تعتبر واحدة من أكبر العمليات في تاريخ القرصنة البحرية.

ووقع حادث خطف الناقلة السعودية رغم استجابة بحرية دولية يشارك فيها حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي لحماية واحدة من أزحم المناطق الملاحية في العالم. كما توجد سفن حربية أميركية وفرنسية وروسية في المنطقة.

وبحسب متخصص في شؤون الصومال قال معلقا على اختطاف ناقلة النفط السعودية إن الهجوم «يبدو علامة تحد متعمدة من جانب صوماليين في غاية الذكاء. فمن يصفهم بعد ذلك بأنهم مجرد رعاة إبل عليه أن يعيد النظر».

وهنا مربط الفرس كما يقال، فمع صدمة اختطاف الناقلة السعودية أعلن أمس عن اختطاف سفينة صينية جديدة. فعملية التحذير من خطورة ما يجري في الصومال منذ مدة بعيدة لم تجد أذنا صاغية من قبل دول البحر الأحمر والمجتمع الدولي.

فما يقوم به القراصنة كان خطرا يتهدد الملاحة البحرية في خليج عدن، حيث رفعت عمليات القرصنة تكاليف التأمين ودفعت بعض شركات الشحن لتسيير سفنها عبر رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا بدلا من المرور عبر قناة السويس.

وعلينا أن نتذكر بأن القرصنة والتهريب هما الشريان الأساسي لتمويل الإرهاب، وسبق للقراصنة أن حصلوا على ملايين الدولارات كفدية، بل ومن خلال بعض عمليات القرصنة  اكتشفنا حجم التسليح في بعض المناطق العربية المهددة بحروب جديدة. وخير مثال على ذلك السفينة الأوكرانية المحملة بقرابة 33 دبابة لمناطق النزاع بالسودان.

ويبدو أننا نسينا أو نتناسى أن الصومال دولة فاشلة، أي بلا سلطة مركزية، أو حكومة، واعتقدنا أننا لن ندفع ثمن ذلك، حيث هناك اعتقاد بأنه إذا أغلقنا بابنا فلن يطالنا شيء مما يحدث عند الجيران، وهذا أمر ثبت فشله، مثلما ثبت أن ما تهرب منه اليوم يلاحقك غدا.

ففي الوقت الذي كان العالم ودول المنطقة يتجاهلون فيه إشكالية القرصنة البحرية الصومالية، كان القراصنة يسلحون أنفسهم تسليحا جيدا بزوارق سريعة، وهواتف تعمل بالأقمار الصناعية، وبلغ الأمر فيهم إلى تعيين متحدث رسمي!

ولذا فان على دول البحر الأحمر والمجتمع الدولي أن يبادروا اليوم لإيجاد حلول للوضع في الصومال، بمقدار تحمسهم لحماية الملاحة البحرية من القرصنة، فخطورة ما يحدث في الصومال تفوق خطورة اختطاف السفن، وتصل إلى تهديد حقيقي لأمن دول المنطقة.

[email protected]