رفقا بعقولنا يا وزير الخارجية

TT

نقول عادة إن البريطانيين أكثر فهما وعمقا من الأميركيين بشؤون منطقتنا، لكن تفضلوا وتأملوا ما قاله وزير خارجية بريطانيا ديفيد ميليباند يوم أمس في مطار بيروت.

فردا على سؤال حول اعتبار الحكومة البريطانية حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، ذكر ميليباند أن «بريطانيا اعتبرت أن الجناح العسكري في الحزب هو منظمة إرهابية» وليس الجناح السياسي للتنظيم. وأضاف «هذا التمييز ضروري، وأشدد على أن الذين يستخدمون العنف لغايات سياسية لا يمكنهم أن يتوقعوا دعما من المجتمع الدولي».

والسؤال هو: هل يمكن فصل حسن نصر الله عن حزب الله؟

فإذا كان نصر الله نفسه توعد بالانتقام لمقتل عماد مغنية، والحزب كله أقام له التأبين ورفع صور الحاج رضوان، أي مغنية، على اليافطات في كل لبنان، بل وفي إيران، وبالطبع ليس في سورية حيث أغتيل، فهل يعقل أن نقول إن الشق السياسي في الحزب شيء، والشق العسكري أمر آخر.

إذا كانت بريطانيا سابقا قررت الإمساك بشعرة معاوية مع حزب الله من ناحية، وإرضاء إسرائيل من ناحية أخرى، بتقسيم حزب الله إلى وجه سياسي وآخر إرهابي، فمن حقها فعل ذلك. لكن على وزير خارجية بريطانيا أن يتذكر أن حزب الله الإيراني استخدم سلاحه ضد اللبنانيين العزل من السلاح في السابع من أيار، والذي قاد لاتفاق الدوحة الذي ضمن لحزب الله الإمعان في تشويه ديموقراطية لبنان، وامتلاك حق التعطيل فيها.

ومن هنا فليس من حق وزير الخارجية البريطاني أن يسطح الأمور إلى حد تبرئة حزب الله وقائده الإلهي، سياسيا، وتوجيه الاتهام فقط للشق العسكري في الحزب عما اقترفه بحق لبنان واللبنانيين.

مثل تلك التصريحات هي التي تطيل أمد الأزمة في لبنان ومنطقتنا، وتجعل إيران وسورية وأعوانهما مثل حزب الله وغيره يتمادون في القراءة الخاطئة للمواقف السياسية، وتجعلهم يحاولون الالتفاف على المواقف السياسية للدول الرامية لمصلحة استقلال لبنان وسيادته.

ويبدو أن الوزير ديفيد ميليباند بريطاني لكن بذهنية سياسية فرنسية عندما يكون الأمر متعلقا بلبنان وسورية، ومن الواضح أن الوزير لم يقرأ ولا حتى ورقتين عن حزب الله وتركيبته وتاريخه. فزعيم حزب الله، حسن نصر الله هو الذي يدعم التيار الصدري الذي يقاتل الجنود البريطانيين في العراق!

حزب الله يغلب مصلحة الولي الفقيه على مصلحة اللبنانيين، ويسخر سلاحه لخدمة إيران، وأدبيات الحزب تقول إنه أنشئ لحماية «المقاومة» فكيف يفرز الحزب ما بين سياسي وعسكري.

على البريطانيين، وغيرهم، إدراك أن التفاوض والتحاور مع حزب الله ما هو إلا مضيعة للوقت، فالقرار في طهران لا بيروت، ومنطقة المناورة لحزب الله بعيدا عن إيران ضيقة جدا، ويسهل رؤيتها وتحديدها من دون عناء.

إذا كانت بريطانيا، أو وزير خارجيتها يريدون التنافس مع فرنسا حتى تفرغ واشنطن من مرحلتها الانتقالية بعد انتخابات الرئاسة فذلك أمر مفهوم، لكن ما هو غير مفهوم ومقبول أن تخرج تصريحات من هذا النوع تخلط أوراق المنطقة، وتعطي رسائل متناقضة.

[email protected]