والبحر نملأه سفينا

TT

أصغيت أمس إلى الناطقة باسم الأسطول الأميركي الخامس تتحدث عن خطف السفن والناقلات قبالة الساحل الصومالي. قالت سيدتنا الآتي: «لقد اقترحنا منذ فترة انه يجب على كل سفينة تمر بالمنطقة، أن تحمل فريق حراسة، لأنه ليس في إمكان الأسطول الخامس أن يكون في كل مكان». لو لم تكن السيدة المتحدثة «ناطقة رسمية» لاعتبر الكلام حواراً في فيلم سينمائي مثير.

أولا، ماذا يفعل الأسطول الخامس، إذا لم يكن في إمكانه ردع أو مراقبة أساطيل القرصنة؟ لماذا يجول في البحار، ومن يراقب، ومن يحمي، ومن يخيف؟ ثانياً، هذه الموجة المتفاقمة من القرصنة، لا تعالج بتحويل بواخر الشحن إلى معسكرات. ثم أي فرقة حراسة تستطيع أن تحمي ناقلة مساحتها مساحة ثلاثة ملاعب كرة قدم؟

لقد اعتدى قراصنة الصومال حتى الآن على سفن أوكرانية وإيرانية وصينية وأوروبية. وتصرف الفرنسيون مع القراصنة بما يستحقون، أي بالقوة، حرروا سفينتهم. وواضح أن القراصنة تجنبوا السفن الأميركية، لأنهم يعلمون بوجود الأسطول الخامس ولا يريدون الدخول في مواجهة معه. وقد تعرضوا لسفينة أوكرانية وليس لسفينة روسية في حماية فلاديمير بوتين، ولسفن صينية لأن الصين تمخر مياه أفريقيا سراً وتحفر غاباتها في صمت، ولا تريد أن تلفت نظر أحد إلى حجم توسعها في القارة.

واضح أن القرصنة الصومالية ليست حادثاً عابراً بل هي حالة ابتزاز واسع بأسلوب جديد. والحل ليس في العودة إلى القرون الوسطى، أي إلى جعل كل سفينة سفينة قرصنة مسلحة. ولا إلى تحويل المياه الدولية إلى ساحة حرب وفزع. الحل هو في عمل دولي مشترك يرفع علم الأمم المتحدة في وجه علم الجمجمة والعظمتين الذي يرفعه القراصنة.

الحل ليس بإشاعة السلاح في أعالي البحار، وجعل حركة النقل تحت رحمة القراصنة أو فرق الحراسة، بل هو كما اقترح الأمير سعود الفيصل، في عمل دولي في حجم هذا التحدي الخارج على القانون. وليس صحيحاً أن رادارات مثل رادارات الأسطول الخامس غير قادرة على ضبط حركة القراصنة. أو أي رادارات مشابهة. وليس صحيحاً أن الأجهزة الجوية تعجز عن ذلك. وليس صحيحاً أن كل هذا العالم عاجز عن تدمير وترميد مجموعة فالتة من حرامية البحر، كانوا قد تدربوا على السرقة في جولات البرّ.