أيكما الدكتور فقال الاثنان: أنا!

TT

قل عنه: مجنون ممكن. قل عنه: عبقري. يجوز..

هذا الرجل جاء من أقصى الصعيد من مدينة أسوان، بلد الأستاذ العقاد، والسد العالي. شاب أسمر نحيف لم يغير لهجته الصعيدية. مدرس اللغة الألمانية وعشرين لغة أخرى. وصار أستاذا للغات الشرقية القديمة: السريانية والأكادية والعبرية والحيثية وأسماء أخرى لا أعرفها.

وأسعدني الحظ أن أعرفه. وأنه علمني مبادئ اللغة العبرية. وكنت أشفق عليه من إضاعة الوقت معي في مثل هذه الأمور التافهة.

وأجمل من كل ذلك أن يحدثني عن التاريخ القديم.. إنه العالم الكبير أحمد فؤاد حسنين الذي اكتشف أن التوراة (الحالية) مسروقة كلها من مصر الفرعونية. وقارن بين النصوص في التوراة وكل الآيات في الديانة اليهودية.. حتى مزامير داود مسروقة من الفراعنة. وله كتب كثيرة، ولكن من أهم كتبه «شمس العرب تسطع على الغرب» الذي ترجمه من تأليف المستشرقة الألمانية سغريد هونكه، وهو كتاب ممتع يحدثنا عن فضل العرب على الحضارة الغربية. وكان يعيش وحده بعد أن هجرته زوجته الألمانية وولداه، وله بيت وحديقة صغيرة بها شجرة مانجو واحدة. وقد لاحظ أن المارة يسرقون المانجو. فما كان منه إلا أن ألصق أرقاماً على كل ثمرة ليعرف كم بقي وكم ذهب. وفي إحدى الليالي، لاحظ أن أحداً يسرق المانجو. فقفز عليه واقتاده إلى البوليس. المنظر هكذا: دكتور حسنين بالجلباب حافياً وشعره منكوش وفي يده عصا واللص شاب أنيق. والبوليس قال لهما: أيكما الدكتور فيقول اللص أنا.. ويقول د. حسنين: أنا. وطلب د. حسنين أن يتصل بي البوليس، وذهبت واعتذرت وعاد الأستاذ الجليل حافياً منكوش الشعر لا يصدق أحدٌ أن هذا واحد من أكبر علماء اللغات في العالم.

يرحمه الله بقدر ما أسعدنا وأضحكنا أيضاً!