إعلانات عربية موجهة للإسرائيليين

TT

صباح اليوم، وفي خطوة غير عادية، يفترض أن يطالع الإسرائيليون في صحفهم لأول مرة إعلانات سياسية مدفوعة الثمن تشرح لهم المبادرة العربية. الاعلانات هي خطوة من السلطة الفلسطينية التي قررت ان تجرب التواصل مباشرة مع المواطن الاسرائيلي، لا الاعتماد فقط على التفاوض مع الساسة الاسرائيليين الذين اختلفت مواقفهم حيال المبادرة العربية.

خطوة مثيرة وتستحق النقاش.

هل من المناسب نشر اعلانات مدفوعة الثمن للترويج لمشروع سياسي؟

وهل يجوز للسلطة الفلسطينية التي لا تجد ما يكفي لدفع مرتبات موظفيها ان تنفق اموالها على اعلانات في صحافة اسرائيل؟

الا يمكن ان تتسبب الاعلانات في حرب دعائية من الاطراف المعارضة في اسرائيل ضد المبادرة؟

كونها اعلانات مدفوعة هل ستقنع الإسرائيليين؟

والأهم من ذلك كله ما الفائدة من وراء اقناعهم؟

الحقيقة انه ليس غريبا ابدا التوجه الى الناس عبر نشر اعلانات سياسية مدفوعة في الصحف اليومية، بل هي وسيلة مألوفة في الصحافة الغربية من قبل اصحاب القضايا المختلفة. فهم يعتقدون انها الوسيلة المضمونة لنقل رأيهم دون تدخل من الصحف، في المكان وبالصيغة التي يريدونها. وهي وسيلة مجربة ضمن مشروع حملة متكاملة. واعتقد ان هذه من المرات النادرة التي تقدم فيها السلطة الفلسطينية على تنفيذ عمل إعلامي سياسي هادف، ويستحق ان تنفق السلطة شيئا من ميزانيتها حتى وان كانت تعاني من شح في مواردها. فمخاطبة الاسرائيليين واستمالتهم الى صفها سيسهم في التأثير على قناعاتهم، ولو نجحت في اقناع شريحة كبيرة من الشعب الاسرائيلي بتأييد المبادرة العربية فان هذا سيضع ضغوطا على القيادات الاسرائيلية التي ظلت ترفض المبادرة وتخوف مواطنيها منها. وهذا سيقلل من خسائر الجانب الفلسطيني المادية والانسانية والسياسية.

نعم، تستحق الحملة الدعم ان كانت ستحقق استمالة الاسرائيليين لمواجهة التقدم الملحوظ في شعبية نتنياهو وحزبه، الذي لو وصل الى رئاسة الوزراء سيكون الوضع الفلسطيني اكثر سوءا. ومن المؤكد ان الاعلانات المدفوعة ستستفز الجماعات الإسرائيلية المتطرفة، وستدفعها إلى شن حملة مضادة، لكن لا يهم فالمجتمع الإسرائيلي الديموقراطي يتيح الفرصة لنقاش المبادرة وعلينا المشاركة ولو بالاعلانات التجارية. فاكثرية الاسرائيليين لا تعرف عن المبادرة الا انها مطروحة من العدو العربي، وتطالب بإعادة كل الأراضي المحتلة للفلسطينيين، بما فيها القدس، واعادة اللاجئين، لكنهم لا يدركون ايضا الثمن بانها تؤرخ لنهاية النزاع، وتضمن لاسرائيل سلاما شاملا حقيقيا، السلام الذي عجزت عن ضمانه وعود القيادات الاسرائيلية، والآلة العسكرية الجبارة. سيفاجأون ان الموقعين على المبادرة سبع وخمسون دولة عربية واسلامية. وبالتالي فان اعلام المواطن الاسرائيلي العادي بحقيقة المبادرة سيقطع الطريق على المتطرفين الذين قاموا بتشويه حقائقها، ومن يدري قد يقطع الطريق على نتنياهو الذي ينشط من اجل اعادة انتخابه.

هذه المرة الاولى التي نتواصل فيها مع الاسرائيليين لكسبهم الى صف مبادرتنا، وهي المرة الاولى التي نتصرف فيها بعقلانية وواقعية والمرة الأولى التي نخطط فيها الى الامام.

[email protected]