دكتور التخلف

TT

لو كان من الجائز تصنيف تصريحات «دكتور التخلف» الإرهابي أيمن الظواهري، لقلنا إن شريطه الأخير الذي قال فيه عن باراك أوباما إنه «عبد البيت»، أفضل وأهم تصريح للرجل الثاني في تنظيم «القاعدة».

فهذا التصريح يبين لنا أي أخلاق تلك التي ينطلق منها تنظيم القاعدة الإرهابي وقياداته وأفراده، ويؤكد لنا استرخاصهم للبشر، وعنصريتهم المقيتة، كيف لا وتنظيم القاعدة لا يلجأ إلا للمناطق الموبوءة.

لجأ التنظيم إلى العراق فترة من الزمن ليستفيد من جرح الطائفية الغائر، وينتشر في أفغانستان حيث القبلية عنصر رئيسي في تركيبة البلد، وبالطبع في أطراف باكستان حيث سطوة القبيلة لا الدولة.

حديث «دكتور التخلف» عن أوباما ووصفه بالعبد يناقض كل تعاليم ديننا الإسلامي وأخلاقه، وفي ذلك كثير من الآيات والأحاديث والقصص التي تروى عن نبذ الكلام المهين للبشرية، ناهيك من التنابذ بالألقاب.

لكن أهمية هذا التصريح أنه يبين الأسس التي يقوم عليها تنظيم القاعدة، ومن أهمها الغدر والقتل، فحديث «دكتور التخلف» ليس فيه إهانة لأوباما وحسب، بل فيه إهانة لكل البشر، السود منهم والبيض، وهو دليل على استرخاصهم لكل من يخالفهم.

قال لي أحد المحققين في دولة عربية إنه كان يشتبه بأحد المتهمين على أنه ينتمي لتنظيم القاعدة، فقال له المتهم «نعم أنا مجرم، لكن لا يشرفني الانتماء للقاعدة، الفرق بيني وبينهم انني لا أغدر، والقاعدة ديدنها الغدر بالأم والأب والأخ، وحتى القبيلة، أما أنا فلا أغدر»!

عبارات بسيطة لرجل متهم بالسرقة لخصت القاعدة وسلوكها الدموي القائم على الغدر والاستهتار بالانسان، مثلما أن تصريحات الظواهري كشفت فكر القاعدة الخسيس، ناهيك من جهلها السياسي المطبق.

«دكتور التخلف» يذكر أوباما بمصير بوش والجنرال بارفيز مشرف رئيس باكستان، وأي مصير الذي يتحدث عنه الظواهري، وهو تفكير قريب من بعض الاطروحات السطحية التي تطالعنا بين الحين والآخر.

بارفيز في بيته، وبوش انتهت فترته وفقا للدستور الأميركي، وسيرحل إلى بيته، من دون أن يمدد الولاية، أو يحتال للبقاء بالبيت الأبيض، مثله مثل 43 رئيسا أميركيا سبقوه، أما الظواهري وأمثاله فهم في الكهوف والمغارات، يخشون حتى صوت الريح.

أهمية شريط الظواهري تكمن في أنه يكشف الانحدار الأخلاقي لدى تنظيم القاعدة، والوجه الحقيقي للتنظيم المعادي للإنسان بكل بساطة، ويعري كل من يحاول التبرير لهم بأي شكل من الأشكال.

كما أن شريط الظواهري الذي بات أشبه بعمود تلفزيوني يطالعنا به بين الحين والآخر، يكشف عن عمق الأزمة التي أصابت الارهابيين، والأصوليين، نتيجة التغيير الانتخابي الأميركي الذي جاء بأوباما وأعاد فكرة وصورة أميركا الملهمة دوليا. وهذا أمر يزعج القاعدة، والارهابيين حيث كانوا دائما يعلقون آمالا على معاداة كثير من الشعوب لفكر وأداء الرئيس الأميركي جورج بوش والذي تنتهي ولايته في العشرين من يناير المقبل.

أفضل ما يمكن قوله لدكتور التخلف إنه «امرؤ فيه جاهلية» فتلك ليست أخلاق الإسلام التي نعلم بها أبناءنا، بل هي أخلاق القاعدة التي نكافحها كل يوم.

[email protected]