إذاً كلهم مع التطبيع!

TT

محق كل من امتدح نشر إعلانات عن المبادرة العربية في الصحافة الإسرائيلية، فهي خطوة مهمة، حتى وإن كانت مجرد إعلان مدفوع الثمن. فمخاطبة المجتمع الإسرائيلي وتخطي الطبقة السياسية الإسرائيلية يعد أمرا مهما.

وإذا كان البعض ينتقد السلطة الفلسطينية على هذه الخطوة، معتبرا إياها تطبيعا، فلسبب بسيط جدا، وهو أن الخطوة التي قامت بها السلطة كانت موفقة ومربكة، حيث استعادت زمام المبادرة، وهذا هو الأهم.

إذا كان التطبيع وفقا لتعريف إيران، ولوبيها العربي مثل الإخواني فهمي هويدي الذي اعتبر أن حوار الأديان السعودي تطبيعا وهو المدافع عن حماس وإيران وسورية، مثله مثل الصحافة الإيرانية التي تطالب قياداتها باتخاذ موقف دبلوماسي حازم ضد كل من حضر حوار الأديان، فهذا يعني أنهم جميعا مع التطبيع!

هل تعلمون لماذا؟ أين هؤلاء من مقالات مستشار إسماعيل هنية السياسي الدكتور أحمد يوسف بالصحف الإسرائيلية، أو ظهوره التلفزيوني؟ وأين هؤلاء من هدنة حماس مع إسرائيل.. فهل كان التنسيق للهدنة يتم عبر السماء؟

وهل تعلمون أمرا آخر مثيرا للضحك؟ فرغم كل الضجة على مؤتمر حوار الأديان من قبل إيران وحزب الله، فقد كان المندوب الإيراني حاضرا المؤتمر في نيويورك وألقى كلمة أيضا، مثله مثل باقي الوفود!

وأين هؤلاء من تصريح مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان قبل أيام، حيث اعتبرت أن محادثات السلام غير المباشرة بين بلادها وإسرائيل انطلقت بالطريقة الصحيحة وأنها تحمل عوامل النجاح.

لذا فإن خير من يشهد على سلامة فكرة نشر الإعلانات الفلسطينية الخاصة بالمبادرة العربية في الصحافة الإسرائيلية هو ردود الفعل المرتبكة والمشبهة لإعلانات المبادرة العربية على أنها تطبيع.

هذا من جانبنا، لكن ماذا عن الإسرائيليين؟

الناطقة باسم الخارجية الإسرائيلية، تقول إن نشر الإعلان في الصحف الإسرائيلية خطوة مهمة ويدلل على ديموقراطية إسرائيل. وتتساءل «هل يمكن لنا أن ننشر في الصحف العربية ملاحظاتنا مثلا؟».

وهذا حديث المرتبك، فإذا كانت الديموقراطية تقاس بهذا الأمر فهذا يعني أن حزب الله بما يملك من قناة المنار، والمواقع المفبركة التابعة له، وصحف النميمة الموالية له أكثر ديموقراطية من إسرائيل، حيث أن وسائل إعلام الحزب الإيراني لا تترك شاردة أو واردة من إسرائيل، والإعلام الإسرائيلي إلا وتبثها، بل إنها تلجأ إلى مواقع تنشر فيها على لسان الإسرائيليين حتى ما لم يقل، وهناك أدلة على ذلك.

وجل وسائل الإعلام العربية، المقروءة والمرئية، وخصوصا المهمة منها، تنشر حوارات، ومقالات لمسؤولين إسرائيليين. المهم أن ردود الفعل الإسرائيلية، والهجوم على خطوة السلطة الفلسطينية بنشر الإعلانات يعد أمرا ايجابيا.

مشكلة منطقتنا، وقياداتنا، والقيادة الفلسطينية الشرعية تحديدا، أنها افتقدت لعنصر المبادرة منذ زمن بعيد، وإن خطت خطوة فإنها لا تكملها.

اليوم ومع الزخم الذي منحته مبادرتا الملك عبد الله بن عبد العزيز للسلام والأديان بات على العرب جميعا أن يتحركوا لأنهم هم أصحاب القضية. العمل خير ألف مرة من الشعارات الفارغة.

[email protected]