يوم اتفق النميري على تهجير الفلاشا!

TT

من ألطف حكام السودان: سوار الذهب الذي اختاره الرئيس نميري وزيرا للدفاع. فانقلب على الرئيس نميري منضماً إلى الثورة الشعبية سنة 1985. ثم صار رئيساً للمجلس العسكري المؤقت ولمدة سنة.

ذهبت إليه. الرجل هادئ لطيف ملامحه حلوة صوته خفيض حريص على أن يستمع إليك. وفي ذلك الوقت كنت قد أصدرت مجلة اسمها «وادي النيل» عن مصر والسودان. ونشرت فيها خبراً عالمياً مروعاً وهو أن اتفاقاً تم بين الرئيس نميري وأريل شارون في كينيا. وكان الاتفاق هو أن يسمح السودان بمرور اليهود الأحباش بأرض السودان تمهيداً لنقلهم بالطائرات عبر السودان ومصر إلى اليونان ومن اليونان إلى إسرائيل.

فغضب الرئيس نميري وأرسل لي تكذيبا طويلا عريضا فنشرته كاملا. مع تعليق صغير جدا: ولكن الخبر صحيح!

ولما سمع الرئيس سوار الذهب هذه المأساة أكد لي أنه يسمع بها لأول مرة. وأنه في ذلك الوقت كان مشغولا بالسودان وليس الالتفاف حول السودان. وأنه لا يستطيع ذلك فهو سوداني وطني صميم. والرئيس محمد عبد الرحمن سوار الذهب، 75 عاماً، يشغل مناصب لهيئات إسلامية. ولقد قابلته مرات في السعودية. وكان مصدر سعادة وبهجة. وتمنيت لو انفردت به لكي أسأله سؤالا واحدا..

وانزعجت لما قاله أحد الوزراء السودانيين الأصدقاء.. فكلما سألته عن أحد قال إنه مات.. وسألته عن سوار الذهب فقال إنه مات أيضاً!

وقال آخرون: بل حي يرزق. فكرت أكتب له السؤال وأنتظر الجواب.

وكتبت ولا جواب من عشر سنوات!