خطوة صحيحة أخلاقيا.. لكن ليست في وزارة الخارجية

TT

ربما يكون الأمر مثيرا للجدل وبالتأكيد به جرأة، ولن يكون من الصدق ألا أن أخبر قرائي ما اعتقده: فإن اختيار هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية في إدارة باراك أوباما سيكون خاطئا.

لا ينتابني شك في أنه بإمكانها القيام بهذه المهمة، وعلى وجه جيد. لقد كنت أحد المعجبين بالسيدة الأولى السابقة عندما كنت أغطي أخبار جهودها في إصلاح برنامج الرعاية الصحية قبل 15 عاما، وما رأيته في الحملة الأخيرة لاختيار المرشح الديمقراطي للرئاسة يقدم دليلا مقنعا على قدرتها على التحمل وشجاعتها الأدبية، وعلى قدرتها على تحسين أدائها في كل مرحلة. وأعجبني استعدادها لمساندة أوباما ومشاركته في حملته بعد أن فشلت في أن تكون مرشحة الحزب. إذن، ما هي المشكلة؟ هيلاري كلينتون هي الاختيار الخاطئ لهذا المنصب في هذه الإدارة، إنه ليس أفضل مكان لاستثمار مهاراتها، وبالتأكيد ليس أنسب اختيار للرئيس الجديد. ما يحتاج إليه أوباما في الشخص الذي يتولى وزارة الخارجية هو أن يكون دبلوماسيا ينفذ سياسته الخارجية، ولا يحتاج إلى من يخبره كيف يتعامل مع العالم أو يكون وصيا عليه في العلاقات الدولية. وكان أحد الأسباب الرئيسية لانتخابه هو أنه، بالاعتماد على قدراته، توصل إلى النتيجة الصحيحة بأن الحرب في العراق لم تكن في مصلحة الولايات المتحدة، وكان أكثر صوابا في ذلك الأمر من أي شخص في واشنطن، حتى من هيلاري كلينتون نفسها.

وبالتأكيد سيستفيد من النصائح والعلاقات التي يمكن لوزير خارجيته أن يقدمها له. ولكن فلنذكر أنه قدم لنا مصدرا أكثر خبرة وحكمة عندما اختار جو بيدن، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، نائبا له. وآخر ما يحتاج إليه أوباما هو وزير خارجية يضع سياسة خارجية ذات قاعدة مستقلة، فهو يحتاج إلى وكيل وليس إلى مؤلف.

وحتى إن كانت هيلاري كلينتون على استعداد للعب ذلك الدور الثانوي، الذي ربما تتولاه، في مقابل سماع صوتها في أكثر النقاشات السياسية جدية، إلا أن وجود بيل كلينتون يضاعف من صعوبة تلك المهمة. ولكن سيرى الزعماء الأجانب حتما أن بيل كلينتون طريق بديل للتأثير على السياسة الأميركية، ومن غير المحتمل أن يظل صامتا.

وقد أشار بعض المحللين إلى أن هيلاري كلينتون تشعر بالإحباط لعدم حصولها على مكانة بارزة في مجلس الشيوخ، فهي لم تصبح حتى الآن رئيسة لأية لجنة مختصة بمجالات سياسية كبرى، وقد وجدت أن هذه الفكرة مثيرة للفضول.

وفي الواقع، لا يعتمد تأثيرها على مكانتها في مجلس الشيوخ، بل على الاحترام الذي اكتسبته من زملائها من كلا الحزبين نظرا لاجتهادها واستعدادها وتفوقها في شأن السياسات. ودائما ما يسعى أعضاء مجلس الشيوخ إلى دعمها لجهودهم، ويتحمس كل من الجمهوريين والديمقراطيين من أجل الانضمام إليها، لأنهم يعرفون سيطرتها على جمهور فريد في الكونغرس وفي جميع أنحاء البلاد. وكان ذلك حقيقيا في الماضي، وهو الآن أكثر حقيقة وضوح الحملة المثيرة للإعجاب التي خاضتها من أجل الفوز بترشيح الحزب.

وإذا تمكنت كلينتون من خدمة أوباما بتوليها منصب وزير الخارجية، يمكن أن تكون أكثر أهمية بوجودها كحليف له في الكونغرس.

وأرجو أن تكون هناك عندما يحل شهر يناير (كانون الثاني).

* خدمة «واشنطن بوست» ـ

خاص بـ«الشرق الأوسط»