وأخيرا انتخبوا أم علي

TT

ظل حصول المرأة على حقوقها السياسية مسرحا لحملات طويلة على شتى المستويات وسائر البلدان بما فيها بريطانيا، أم البرلمانات. لم يعطها الإنجليز حقوقها الكاملة حتى الثلاثينات بعد مظاهرات صاخبة ومعارك ضارية تضمنت عملية انتحارية قامت بها إحدى المناضلات. لم تتطوع واحدة من نسائنا لمثل هذه المغامرة. يظهر أنهن يتصورن أن حياتهن في عالمنا العربي تساوي الاحتفاظ بها.

وبالطبع، فتح هذا النشاط من أجل الحصول على حق الترشيح والتصويت عندنا الباب للظرفاء من رسامين كاريكاتيريين وكتاب ساخرين ومسرحيين كوميديين. استغل أحدهم جزالة اللغة العربية فقال بتورية ظريفة: إذا فاز الرجل بالانتخابات يصبح نائبا. ولكن عندما تفوز المرأة فماذا تصبح؟ ... نائبة! (من نوائب الدهر)

تعاظم الجذب والدفع بهذا الصدد بصورة خاصة في بلدان الخليج المحافظة. وبوحي ذلك كتب المسرحي الكويتي محمد الرشود وأخرج مسرحية «انتخبوا أم علي!» التي عالج فيها هذا المعترك في أوائل التسعينات بأسلوبه الطريف والخفيف. ولكنه كان كاتبا محظوظا، فقد قدر لمسرحيته أن تصبح بعد قليل من الزمن واقعا سياسيا في الكويت بعد أن أصدر أمير البلاد أمره بمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية والبرلمانية الكاملة ولحقت بذلك بأخواتها في سلطنة عمان. وبذلك يكون محمد الرشود من الفنانين المفكرين الذين يقودون أمتهم من الأمام ويغدون نبراسا ينير لها طريق المستقبل.

بيد أن المرأة الكويتية والخليجية عموما لم تسلم طبعا من التهكم والسخرية الذكورية. ومن ذلك أن صرح المرشح الكويتي محمد راشد بأنه لا يعارض قط فكرة إعطاء المرأة حق الترشيح والانتخاب على أن يكون عمرها قد تجاوز الخامسة والأربعين! ولا شك أنه كان يفكر بسن اليأس. يظهر أنه لم يسمع بأن الرجال أيضا عندهم سن يأس كما ثبت مؤخرا.

بيد أن مرشحا آخر أبدى لؤما خاصا ودس السم في إشارته إلى اعتياد بعض الفتيات في منطقة الخليج على تكليف الآخرين من الأكاديميين بكتابة أطروحاتهن الجامعية بأجر سخي ومن ثم نيل الشهادة بفضل ما عندهن من دراهم ودنانير وبدون أي جهد جهيد. قال يجب ألا يسلم القائم بكتابة أطروحتها المزيفة إليها حتى تقترع بصوتها للمرشح المطلوب. وهذا طبعا يتطلب أن يتسلم الكاتب أجورا إضافية ليمسك بأطروحته ويساوم عليها.

ومن جانب آخر صرح بعض المرشحين بأنهم سيسعون لكسب أصوات الناخبات برشوتهن بقناني عطور واودي كولون وأحمر شفايف وشتى مواد التزيين تحمل كلها صورهم وأسماءهم وما يجدر ويليق بهم من العبارات الدعائية الرنانة: «صوتي لفلتان بن عنان ـ بطل العروبة والإسلام!» أو «صوتي لفلان بن فلتان ـ الشاعر الذي تستطيعين أن تفهمي شعره».

ضحكوا وضحكنا ولكن المرأة شقت طريقها شئنا أم أبينا.

www.kishtainiat.blogspot.com