بابل وجوارها

TT

سألت الأستاذ محمد الصحاف من أي مسقط في العراق هو، فقال من بابل. وفوجئت مفاجأة الجاهل. فقد كنت أعتقد أن بابل اسم في التاريخ سقط مع أبراجه. وسألته عن سكان بابل هذه، فقال إنهم مليون ونصف المليون. وازددت معرفة وخجلا بجهلي. وكنت قرأت مرة عن أسماء مدن العراق للدكتور إبراهيم السامرائي (*) يناقض في بحثه ما ورد في تاريخ ياقوت الحموي عن بابل. فالتسمية ليس سببها «بلبلة» الألسنة. وقد توصلت تنقيبات القرن التاسع عشر إلى قراءة اللغة البابلية والآشورية، ومنها تبين أن بابل لا صلة لها بما يعنيه المصدر «بلبلة» الذي يفيد التفرق، بل إن بابل تعني «باب إيل» أي «باب الإله». «وبابل الحديثة اسم محافظة كبيرة مركزها الرئيسي مدينة الحلة».

ويصحح الدكتور السامرائي لفظ «أربيل» وصحيحه إربل، وجاء في معجم الحموي أنها قلعة حصينة ومدينة في فضاء من الأرض واسع بسيط. وقال الحموي إن الإسكندرية قرية على دجلة، لكن السامرائي يصحح أنها في محافظة بابل، وبالتالي على الفرات. وفي نواحي بابل الشهيرة «الأنبار»، التي تردد اسمها في السنوات الأخيرة، ويقول ياقوت إنها حد بابل وسميت كذلك لأنه كان يجمع بها أنابير الحنطة والشعير. ومنها أحد آخر سفراء النظام السابق لدى الأمم المتحدة السيد عبد الأمير الأنباري. وفي معرض الهجوم على الحكم سماه زميل لنا «القزم». وقد التقيته في دبي فيما بعد، مع مجموعة من سفراء بغداد السابقين في أوروبا وأميركا. وبعد التعارف قلت له سوف أقترح على زميلنا أن يكون أكثر دقة عندما يستبدل القلم بـ«المازورة» في قياس الناس.

ويقول ياقوت إن «باعقوبا» الواقعة بأعلى النهروان هي غير بعقوبة، التي تعرف، ويرجح السامرائي ذلك. كما يعتقد أن البصرة اسم لم يأت من معنى الكلمة وهو الحجارة الرخوة، بل هو في الأساس بصرا «وقد حول العرب في نطقهم الفتح الطويل في آخر الاسم إلى علامة للتأنيث هي هاء التأنيث».

وأما تكريت فقال ياقوت إنها بفتح التاء والعامة يكسرونها. وقد فتحها المسلمون في عهد عمر (رضي الله عنه) سنة 16هـ. وأرسل إليها سعد بن أبي وقاص جيشاً عليه عبد الله بن المعم فحارب أهلها حتى دخلها عنوة. وأشهر مواليدها صلاح الدين بن أيوب. وكانت تكريت تابعة لقضاء سامرا ولما قامت ثورة 17 تموز 1968 جعلت تكريت مركز محافظة وأصبحت سامرا تتبعها «وهكذا تتبدل الحال فتصبح سامرا التي كانت عاصمة العباسيين طوال نصف قرن من أعمال تكريت».

* أستاذ في كلية الآداب، جامعة صنعاء