هذه رسالة للأكراد

TT

بات هناك دفاع من قبل السنة العرب في العراق عن مجالس الإسناد، التي يريد رئيس الحكومة العراقية إنشاءها، وهذا أمر ينبئ بخطر على العراق ككل، وعلى الأكراد تحديدا.

يقول لي مطلع عراقي «تعطلت الطائفية إلى حين، وبرزت العرقية»، حيث يحاول نوري المالكي استقطاب العرب السنة إلى خطوط التماس مع الأكراد في الموصل، وكركوك، وديالى وصلاح الدين.

الهدف من تشكيل مجالس الإسناد هو محاولة المالكي حشد الصفوف في مواجهته القادمة مع الأكراد، ولذا يتم اليوم استقطاب الصحوة لدعم مجالس الإسناد. فحكومة المالكي تعلم أن لدى العرب السنة شعورا بالحيف بسبب المواقف المتشنجة ضدهم من قبل الأكراد. ومن هنا يبدو أن ما يريد المالكي فعله هو ضرب خصميه، السنة العرب والأكراد، بعضهما ببعض. وبالتالي فإن السنة العرب سيخوضون معركة المالكي مع الأكراد، والنتيجة أن المنتصر سيكون منهكا في نهاية الأمر، لأن المواجهة ستكون منهكة لكل من الطرفين.

لكن السؤال هنا هو: أين العراق من كل ذلك؟ بالطبع سيكون العراق هو الضحية الكبرى لهذه اللاعقلانية السياسية، التي تؤجج العرقية في بلد يعاني أصلا من الطائفية، وانعدام الثقة بين جميع مكونات الوطن العراقي الواحد.

ما على السنة العرب، وخصوصا مجالس الصحوات، تذكره أنه لو كان المالكي حريصا على حقوقهم لقام بإنصاف مجالس الصحوة، التي تولت طرد «القاعدة»، وقدمت من أجل ذلك أرواح أبنائها.

ولو كان المالكي يريد خيرا بالعراق، والعراقيين ككل، لسعى لنزع فتيل الطائفية، ومنع إذلال من تم تصنيفهم من دون حق على أنهم أتباع النظام السابق وشردوا إلى سورية واليمن وغيرها.

ولذا فإن على السنة العرب التنبه لخطر الانجرار إلى لعبة النار التي يريدها رئيس الوزراء من أجل ضرب خصم بخصم آخر، والمنتصر منهم سيكون فريسة سهلة للمالكي وحزب الدعوة، وهذه هي الحقيقة للأسف.

أما الأكراد فعليهم أن يستوعبوا الرسالة واضحة، فقد بات عليهم هم أنفسهم اليوم نزع فتيل الانفجار القادم، وأول مراحله استقطاب العرب السنة ضدهم من قبل حكومة المالكي، من خلال تشكيل مجالس الإسناد، واستقطاب الصحوات التي تشعر بعدم الإنصاف.

على الأكراد التعاطي الايجابي مع العرب السنة في العراق، وإيقاف التشنج ضدهم بكل أنواعه، سواء استهداف مساكنهم، أو غيرها من مسببات الاحتقان بذريعة أن العرب السنة حصلوا عليها أيام النظام السابق.

كما أن على الأكراد التذكر دائما وأبدا أن الخطر على مكتسباتهم التي تحققت بعد سقوط نظام صدام حسين ليس من الداخل العراقي وحسب، بل إن هناك دولا في المنطقة لن يضيرها رؤية الأكراد وهم يفقدون كل ما حققوه.

فقد سبق لمسعود بارزاني أن حذر من أن مجالس الإسناد ما هي إلا لعب بالنار، وعليه فقد بات على الأكراد أنفسهم اليوم السعي لنزع فتيل الانفجار القادم، وإخماد وميض نار ما لم يطفئها عقلاء الأكراد، فكما قال الشاعر العربي، سيكون لها جثث وهام!