اكتشاف أهم ثروات الوطن

TT

حينما كان يسألني البعض في الماضي عن أفضل السبل لرعاية الموهوبين والمبدعين، اعتدت أن أجيب بأن ندعهم وشأنهم من دون تدخل منا لقناعتي بأن التدخل العشوائي وغير العلمي، قد يعود بالضرر على الموهوب أو المبدع أكثر مما يفيده، خاصة حينما يتكالب على رأس الصغير المنظرون والمتعالمون والأوصياء.

مساء السبت الماضي كنت في زيارة لمؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع في العاصمة السعودية الرياض، ولأول مرة شعرت أن للموهوبين والمبدعين مؤسسة متخصصة، يمكن أن تحيطهم بأساليب من الرعاية المنهجية، فهي تضم فريقا من العلماء والباحثين، وتستعين ببيوت خبرة عالمية في رعاية الموهبة والإبداع وفق أسس علمية مدروسة، ولهذه المؤسسة استراتيجيتها بعيدة المدى، وخططها التنفيذية التي تستهدف دعم التحول إلى مجتمع المعرفة، وتحقيق التنمية المستديمة، وأنا على يقين بأن مجتمعنا في حاجة ملحة إلى مثل هذا الكيان في عالم يتسابق على اكتشاف الموهوبين والمبدعين ليكون لهم دورهم الفاعل في النهوض بمجتمعاتهم في عالم تحكمه المنافسة، وينتصر فيه التميز.

ويكفي هذه المؤسسة سعيها المبكر لاكتشاف الموهوبين والمبدعين ورعايتهم وتشجيعهم؛ فهؤلاء هم قادة المستقبل، وذخيرة الوطن، وركائز تحدياته المستقبلية، ويذكرني اهتمام خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز بهذه المؤسسة التي ترعى الموهوبين والمبدعين ورئاسته لها بما فعله إمبراطور فرنسا حينما اجتمع حول بابه عدد كبير من النبلاء للسلام عليه، فتركهم جميعا وذهب لعيادة ليوناردو دافنتشي المريض، وهو يردد: «أنا أصنع هؤلاء النبلاء بالمئات، أما مبدع مثل دافنتشي، فالله وحده القادر على خلقه»، فالملك العظيم عبد الله بن عبد العزيز، قد أدرك بحكمته أن اكتشاف ثروات الوطن من الموهوبين والمبدعين، أهم وأكبر وأعظم من كل الاكتشافات، فكان موقفه الداعم والمعين لهذه الصرح العلمي الكبير.

لقد خرجت من زيارة هذه المؤسسة بقناعة أننا أمام كيان استشرافي يمثل بوابتنا إلى المستقبل، وأن هذا الكيان يحتاج أن ينمو ويكبر وينتشر ليكون له حضوره الفاعل، ومقراته المتعددة في مختلف المناطق والمحافظات، فهو العين الاستكشافية لثرواتنا البشرية.

شكرا للدكتور خالد بن عبد الله السبتي أمين عام المؤسسة وزملائه، الذين جعلونا في ذلك المساء نرى الغد أجمل وأبهى.

[email protected]