يا مشعل لماذا لا تشعلها؟

TT

كم هو محير أمر خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حين قال أول من أمس مخاطبا العرب لا تتركوا البحر للأجانب، ولام كل الدول العربية، بل وعيبها على عدم إرسال سفن عبر البحر إلى غزة.

وقال إنه يريد وحدة فلسطينية تنهي الانقسام الفلسطيني، ووجه اتهامات لمن أسقط البندقية في حركة فتح، ثم علق على الجهد المصري للحوار بين الفلسطينيين قائلا إن حماس رحّبت بذلك الجهد وتجاوبت معه، مذكرا بأن حركة حماس قد رفضت تمرير خطوتين؛ «الأولى أن نفوّض المفاوض الفلسطيني، والثانية أن نمدد التهدئة في غزة لتصبح خطوة استراتيجية».

ومصدر الحيرة أن مشعل يعيب على العرب عدم كسر حصار غزة بكلمة له ألقيت في افتتاح ملتقى حق العودة الذي عقد بقصر المؤتمرات في دمشق. فلماذا لا يطلب مشعل من سورية أن تكون أول العرب في كسر الحصار؟ ولماذا لا يكون مشعل نفسه أول من يكسر ذلك الحصار ليكون بجوار أبناء غزة، ويشعر بمعاناتهم، فهم محاصرون ولا يسافرون إلى طهران، ولا يستطيعون مقابلة حسن نصر الله، أو الذهاب إلى السودان مثلما يفعل مشعل.

لو طالب مشعل السوريين، أو الإيرانيين، بكسر الحصار لانضممنا إلى صفه وطالبنا الرياض والقاهرة وغيرهما بفعل الأمر نفسه، فلماذا لا يفعل السيد مشعل ذلك، أم أنه يخشى أن يعكر على دمشق سير مفاوضاتها مع إسرائيل؟

والحيرة بالطبع لا تزال مستمرة من كلام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فعندما يتحدث عن وحدة الصف الفلسطيني، فمن الذي أعاقها، خصوصا أن الرئيس أبو مازن ما يزال يردد ليل نهار ضرورة المصالحة، وفعلت السعودية ومصر ما بوسعهما.

فلماذا قاطعت حماس مؤتمر القاهرة، ولماذا أصلا لم تنفذ اتفاق مكة، أو أسهل من كل ما سبق تعود عن انقلابها وتدعو إلى انتخابات مبكرة إذا كانت حريصة على أبناء غزة والقضية الفلسطينية؟

وعدا عن اتهام فتح بإسقاط خيار البندقية يتهم مشعل مصر بأنها تريد جعل الهدنة استراتيجية، والسؤال من الذي أسقط الخيار المسلح مؤخرا، وتوصل إلى هدنة مع إسرائيل.. أوليست حماس نفسها التي أعلنت مرارا عن أنها ستلاحق كل من يطلق صواريخ من غزة؟

ومن الذي مدد الهدنة مرة بعد أخرى.. أوليست حماس؟ فما الذي تغير اليوم وجعل الهدنة خيانة، وإدانة لمصر، ومحاولة تصوير حماس على أنها ترفض «مذلة» الهدنة، فهل كانت الهدنة بالأمس لمصلحة أبناء غزة؟ النتائج تقول لا، إذاً هي كانت فقط لحماية قيادات حماس.

فقد عززت حماس صفوفها ليس لخوض معركة التحرير، بل للحفاظ على دويلتهم في غزة، وعلى حساب الدولة الفلسطينية. كما ساعدت الهدنة آخرين لتعزيز ملفهم التفاوضي في المنطقة!

إذا كان السيد خالد مشعل يرى أن المقاومة هي الخيار، فلماذا لا يعود إلى غزة ويشعلها على إسرائيل، ويضع العرب أمام الأمر الواقع، ويستعين بالدعم الإيراني والسوري، خصوصا أن حماس ترى في ذلك التحالف خيرا للقضية الفلسطينية!

[email protected]