أوباما العراقي

TT

في هذه الأيام الكالحة من حياة العراقيين، ما من شيء يجسم تعاستهم وضياعهم كفرحتهم بفوز باراك اوباما. ولم لا؟ فتمرة خايسة أحسن من نواية يابسة.

تدفقت إلي الايميلات تحمل شتى الأهازيج والأبيات العامية التي راحوا يتغنون ويهوسون بها ابتهاجا بانتصار الغريب البعيد. وأعتقد أن من واجبي أن أسجل شيئا منها للتاريخ، ليكتب المؤرخون ويقولوا إنه في شهر نوفمبر، تشرين الثاني، عمت بلاد الرافدين فرحة بفوز رجل أسمر يلبس سترة وبنطلون في أمريكا. أقول ذلك وأنا أمسك أنفاسي وأبتهل إلى الله ألا يكون المصدر هو أيضا شلش العراقي. انطلقت عصبة من باب الشيخ تصفق وتغني:

يا أوباما يا بعد الروح

إلك كل النفط مفتوح

وإلك كل الشعب فدوة!

وعلى الجانب الآخر من بلد هارون الرشيد، خرجت زمرة أخرى من محلة الشواكة ترفع صوتها إلى الرئيس الأمريكي الذي غزا بلادهم:

بوش، بوش، اسمع زين!

كلنا نحب اوباما حسين!

سارت في الأسواق قليلا وما فتئت حتى غيرت نغمتها واستوحت شيئا من الهوسات البدوية:

صفن يا البيض شهود إلنا

اوباما حسين يلوق إلنا!

وفي هذا تورية بليغة تثلج قلب الشعراء المخضرمين؛ فالبيض هي السيوف العوالي والبيض هم أبناء العرق الآري. ولك الخيار. ولكنني أتذكر أن العراقيين أنشدوا هذه الكلمات في زمن صدام حسين عن الرئيس القائد واعتبرتها في حينها أدق تعبير وأبلغ حكمة عن أحوال البلاد «صدام حسين يلوق إلنا!».

وفي مدينة كربلاء، خرج الجمهور يهتفون ويرددون:

ما نتنازل عن اثنين

إيران وأوباما حسين

والظاهر أن أبناء كربلاء، مرقد الإمام الحسين، قد اهتزوا بانتساب اوباما إلى رجل كيني يحمل اسم سيد شباب أهل الجنة. ولكن على كل، فأنا لا أدري كيف سيمكن تحوير هذه الهوسة وتنقيحها إذا ما قرر الرئيس اوباما حسين الاستجابة لضغط إسرائيل وضرب الدولة الجارة.

ولم يتردد أبناء بغداد في استيحاء هوسات فوزهم بكأس آسيا لكرة القدم:

اعبر يا اوباما سجلنا هدف

جمهورك اليوم ملا الدنيا وهتف

وكله كلام ظريف ولطيف لولا أن اوباما قطع فرحة العراقيين في اليوم التالي بتعيين الإسرائيلي رام إسرائيل ايمانويل، مديرا لكل شؤون البيت الأبيض. يا فرحة اللي ما تمت، ككل أفراح العراقيين.

www.kishtainiat.blogspot.com