ضرورة تعليم وتدريس تكنولوجيا النانو

TT

مؤتمر النانوتكنولوجي (التقنيات متناهية الصغر) Nanotechnology الذي نظمته الجامعة الأردنية في عمان بالأردن، في الفترة من 10 الى 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بالتعاون مع جامعة إيلينوي الأميركية وجامعة الملك سعود في الرياض، كان تظاهرة علمية رائعة نوقشت فيها العديد من الأبحاث والأوراق العلمية المهمة التي قدمت آخر التطورات والمستجدات والتطبيقات في تكنولوجيا النانو وبخاصة لعالمنا النامي، والتي تشكل في مجموعها نقلة نوعية شاملة ومميزة في تعريف المجتمع العربي العلمي والأكاديمي والصناعي بعلوم وأبحاث وتطبيقات تقنية النانوتكنولوجي التي تعد حالياً أحد أهم الاتجاهات العلمية العالمية الحديثة التي تبشر بمستقبل واعد في جميع مجالات الحياة.

وقد أتيحت لي الفرصة للحضور والمشاركة في هذا المؤتمر العلمي المهم، وقدمت فيه ورقة علمية بعنوان «وسائل وأساليب توصيل تقنية النانوتكنولوجي للعامة في الدول النامية»، تناولت فيها أهمية دور أعمال الخيال العلمي Science Fictionوالمتاحف العلمية والإعلام العلمي وبرامج الأطفال والألعاب الإلكترونية والفيديو Video Games في توصيل علوم وتكنولوجيا النانو للطلاب وعامة الجمهور وجذب اهتمامهم وتشجيعهم للإهتمام والدخول لعالم النانوتكنولوجي والتعرف على تطبيقاته الحالية والمستقبلية المثيرة، وضرورة إنشاء وحدة للاتصال في العلم والتكنولوجيا Communicating Science بكل جامعة ومركز علمي، تساهم في نشر وتوعية الجمهور بثقافة وتكنولوجيا النانو، كما أكدت في الورقة البحثية على أهمية وضرورة تعليم وتدريس ونشر ثقافة تكنولوجيا النانو في المدارس والجامعات، وتدريب المدرسين وبخاصة مدرسي مادة العلوم، على كيفية تدريس علوم وأبحاث تكنولوجيا النانو، على اعتبار أن برامج التوعية العلمية بتكنولوجيا النانو والتواصل مع عامة الجماهير أصبحت حالياً ضرورة عالمية مهمة تسير جنباً الى جنب مع السياسات العلمية والتكنولوجية للدولة، وأكدت على ضرورة أن يكون هناك ورش عمل للمدرسين والمختصين بالشؤون العلمية من الحكومة والمتاحف والمراكز العلمية وواضعو السياسات والصحفيون، يعرض فيها لتجارب وبرامج وأساليب الدول المتقدمة في توصيل وتعريف عامة الناس على نطاق واسع بمفهوم النانو، كي تتكون لديهم فكرة واضحة عما يحدث على مقياس النانو وعن السبب الذي يجعل هذا المقياس مختلفاً، وأهمية أن يكون هناك في عالمنا العربي قاموس علمي عربي موحد لمصطلحات النانوتكنولوجي للمساهمة في تحقيق وتسهيل الاتصال في علوم وأبحاث تكنولوجيا النانو.

وقد بدأت المملكة العربية السعودية بالفعل خطوة علمية رائدة في العناية بنشر التوعية العلمية للعامة بتكنولوجيا النانو، من خلال صدور العدد الأول من «مجلة النانو» التي تعد أول مجلة ثقافية عربية تعنى بنشر ثقافة النانو، وتصدر عن «معهد الملك عبد الله لتقنية النانو» بجامعة الملك سعود، وقد تم توزيعها «بالمجان» على المشاركين في مؤتمر عمان، ويأتي ميلاد «مجلة النانو» كبوابة رئيسية ومهمة في نشر ثقافة الناتو في أوساط المجتمع والدخول الى عالم النانو المثير الذي أصبحت تطبيقاته حقيقية تشمل جميع جوانب حياة كل فرد.

وقد تميز مؤتمر النانو بعمان، بالعديد من المشاركات العالمية والعربية المميزة من علماء وتكنولوجيين ورجال أعمال، والتي بلغت حوالي 200 عالم وباحث من مختلف التخصصات الأكاديمية وبخاصة المشاركات العديدة السعودية والنسائية، التي تدل دلالة واضحة وأكيدة على أن عالمنا العربي ماض في اللحاق بركب وسباق النانو العالمي السريع.

وأخيراً يبقى القول والتأكيد على ضرورة أن يصاحب الإنفاق المتزايد على أبحاث وتطبيقات واستثمارات تكنولوجيا النانو في عالمنا العربي، أيضاً إنفاقاً موازياً ومتزايداً على برامج تعليم وتدريس تكنولوجيا النانو في عالمنا العربي، وعلى برامج وأساليب التوعية العلمية المختصة بنشر وتعريف العامة بثقافة النانو، التي تشهد حالياً في الدول المتقدمة اهتماما متزايداً لإدراك المسؤولين لأهمية برامج التوعية العلمية في نجاح السياسات العلمية والتكنولوجية للدولة.

* كاتبة وباحثة مصرية

في الشؤون العلمية