مومباي رسالة إلى أوباما

TT

في السنوات الأخيرة استسهل كثر، في كل مكان، الهجوم على جورج بوش الذي يستعد لمغادرة البيت الابيض، حيث جعلوه شماعة للأخطاء والأزمات، متناسين ان الحرب على الارهاب لاتزال في اول طريقها، وخصوصا أنهم لم ينتقدوه على طرق المعالجة فقط، بل حملوه أسباب كل شيء.

أكثر المستفيدين من كل ذلك كان الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما. لكن اليوم جاءت عملية مومباي الارهابية في الهند، والتي اسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، بمثابة رسالة واضحة، إن لم نقل للعالم كله، فهي تحديدا لشخص واحد لاتزال مواقفه في إطار التكوين.

عملية مومباي هي رسالة موجهة تحديدا للرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما، مفادها: لك أحلامك بعالم أفضل، لكن هذا هو العالم الحقيقي الذي عليك التعامل معه، مهما رتبت اولوياتك فسيظل الارهاب على رأس القائمة.

فالهجمات الارهابية المنسقة التي استهدفت قرابة عشرة مواقع على الاقل في مومباي من مستشفى ومقاه، ومطاعم، ووسائل المواصلات الرئيسية، والفنادق، والسياح الأجانب، تعني ان رأس الأفعى مازال حيا وقويا.

كما ان اسلوب العملية الارهابية دليل على ان الارهاب ليس بمسؤولية دولة واحدة، بل يتطلب جهدا دوليا، فبحسب رئيس وزراء الهند مانموهان سينج فإن منفذي هجمات مومباي جاءوا من خارج الهند «لإحداث دمار بالعاصمة التجارية للبلاد».

ومع استمرار احتجاز رهائن في العاصمة التجارية الهندية مومباي من جنسيات مختلفة سيتزايد الاهتمام الدولي بالحدث، وان انتهت العملية الارهابية، فستبقى حقائق لا يمكن تجاهلها.

فالهند دولة مؤثرة في كل الاتجاهات، من الاقتصاد والسياسة، وحتى التكنولوجيا، ولها ثقلها الدولي فهي ليست دولة هامشية ليتجاهلها العالم، كما ان الاعلان عن ان منفذي الهجوم قدموا من خارج الهند له مدلولات اخرى مهمة.

فهذا يذكرنا بالجبهات الملتهبة في باكستان، وأفغانستان، حيث المواجهة المفتوحة مع القاعدة وطالبان، وهذا الامر الذي كان الرئيس المنتخب اوباما قد تحدث عنه مرارا على اساس ان الحرب ضد الارهاب اساسها في افغانستان.

لكن يظل السؤال: هل بمقدور اميركا ان تحارب الارهاب وحدها، وهل بمقدورها إعادة بناء أفغانستان، المدمرة اساسا منذ الغزو السوفييتي؟ وهل بمقدور واشنطن ان تتجاهل العراق على حساب أفغانستان؟

مشكلة الارهاب ليست فقط في دوليته، وإنما في خطورة تجاهله، فما تعتقد بعض الدول انه بعيد عنها ستجده قريبا، بل ويصل الى عقر دارها. وخطورة ما يحدث في الهند او باكستان وافغانستان، انه يتركز في منطقة يجتمع فيها الجهل والعصبية بالسلاح النووي.

إلا أنه من المهم الإشارة هنا الى ان حادثة الهند قد تكون مؤشرا على خطر أكبر قادم، فقد صدر اول من امس تحذير من هجمات إرهابية قد تستهدف شبكة مواصلات نيويورك، وهذا يذكرنا بسيناريو أحداث 11 سبتمبر. حيث بدأت باستهداف السفارات الاميركية، والمدمرة الاميركية باليمن، ثم صدم العالم بهجمات نيويورك، خصوصا أن اميركا تمر في مرحلة انتقالية للسلطة.

ولذا لا بد من القول، إن محبي السلام، والراغبين بالقضاء على الارهاب كثر. لكن طريق القضاء على الارهاب لايزال طويلا.

[email protected]