البطة التي أحزنت العالم

TT

أصابني اليوم شيء من الحزن، عندما قرأت في (الإنترنت) عنوان:

(البطة التي أحزنت العالم)، وذهبت أبحث عن موقع تلك البطة لأعرف سرها.

وقصتها مع صغارها (مأساوية) بكل ما تعنيه هذه الكلمة.

حيث أنها كانت تسبح مع فراخها الستة في إحدى البحيرات، وأنتم تعرفون (البطات الصغيرة) حينما تتبع أمها، إنها تسبح أو تسير خلفها بأشبه ما تكون في طابور عسكري، فكل صغير يتبع أخاه ولا يسير بجانبه.

وبعد أن شبعت الأم مع صغارها من السباحة، خرجت جميعاً إلى اليابسة وهي فرحة، وأخذت تسير أمامها في أحد الشوارع، وصغارها تتبعها بتسلسل وانتظام كالعادة، ومن سوء حظها ومحدودية تقديرها، مرّت فوق شبك حديدي من تلك الشباك التي تنفث البخار الحار ـ وهذا ما نشاهده كثيراً في المدن الأوروبية والأميركية، خصوصاً في أوقات الشتاء.

سارت الأم فوق ذلك الشبك بشكل طبيعي ولم يحصل لها شيء، حيث أن قدميها بغشائهما أكبر من الفتحات، في حين أن الصغار أخذت تتساقط الواحدة تلو الأخرى لضآلة أحجامها.

ويبدو أن الأم بحاستها السادسة شعرت بأن أمراً خطيراً يحدث خلفها، وعندما التفتت واستدارت، وإذا هي لا تجد من صغارها غير فرخ واحد على وشك السقوط، فخطفته بسرعة البرق قبل أن يسقط.

وأخذت المسكينة تدخل رأسها في فتحة الشبك، وتصدر أصواتاً تقطّع نياط القلب، وكأنها كانت تنادي على فراخها الصغار التي ماتت، أو كأنها تبكي، والغريب أن تلك البطة بقيت في مكانها عدة ساعات ولم تتحرك ـ (على أمل).. ورحت أفكر بالأمهات الثكالى من البشر اللاتي فقدن أبناءهن عندما تساقطوا في (بلاليع) الحروب القذرة.

* * *

استعارت حديقة الحيوان بهولندا، من حديقة حيوان شيستر البريطانية قرداً من فصيلة (أورنج اوتان) بغرض تلقيح إناث القردة من نفس الفصيلة وتحسين سلالتها هناك.

غير أن المفاجأة التي أذهلت الجميع هي أن (سيبو) ـ وهذا هو اسم ذلك القرد (الدون جوان)، رفض معاشرة (القردات) نهائياً، (ورأسه وألف سيف) لم يلتفت إلى أي واحدة منها، رغم أنها كانت طوال الوقت تستعرض أمامه وتحاول إغراءه بجميع الصور والحركات، لكن مثلما يقول بيت الشعر: لقد أسمَعْتَ لو ناديت حياً / ولكن لا حياة لمن تنادي.

أصبح لا همّ له إلا ملاحقة زائرات الحديقة ونسائها العاملات ـ خصوصاً الشقراوات منهن ـ بالإعجاب متقرباً إليهن ومداعباً، إلى درجة أن العاملات أصبحت الواحدة منهن ترفض الاختلاء (بسيبو) على انفراد من شدة عواطفه الجياشة التي لا يستطيع السيطرة عليها.

بيني وبينكم معاه حق، وإنني أسألك بالله أيها القارئ العزيز وأريدك أن تجيبني بصراحة: تخيل أنك شخصياً ذلك القرد، وفي نفس مكانه وظروفه، ألا تفعل مثلما فعل؟! إلاّ إذا كان ذوقك متدهوراً إلى هذه الدرجة.

وبمناسبة إعجابي بذلك (الدون جوان)، فقد اقترحت على أحد أصدقائي أن يطلق على مولوده الصغير ذي الأيام الثلاثة اسم (سيبو)، وقد استلطف الاسم، لكنه مازال يفكر.

[email protected]