لو عاد بي الزمن

TT

قرأت مقالا للأستاذ يوسف أبا الخيل بعنوان «الإعجاز العلمي بين الشرع والعلم».

وخلاصته انه لا يحبذ (التمادي) في عسف النصوص القرآنية وتأويلها تأويلا يخرجها من سياقاتها الخاصة التي وردت فيها بغية أن تنطق بما يفرضه التماس الحضاري مع الآخر المتفوق، وهو لا ينكر حسن النية ونبل المقصد للكثير من المشتغلين بذلك، ولكن هذا لا يكفي.

وهذا صحيح، فالقرآن الكريم هو بحد ذاته (معجز) من دون أن (نعسف) عليه خيالاتنا، فهو ليس كتاب كيمياء أو فيزياء أو جغرافيا أو تاريخ أو فلك أو جيولوجيا.. انه أكبر من ذلك بكثير، فلم ينزله رب العالمين إلاّ لكي يكون هداية ونورا وارتقاء وتهذيبا للنفوس، وقد وهب الله سبحانه العقل للإنسان لكي يتطور به، وقد حقق ويحقق وسيحقق بواسطته ما (يشبه) المعجزات.. والانفجار الكبير في (الفكر والعلم) الحديث ابتداء من (ديكارت) في القرن السابع عشر، مروراً بـ(كانت ونيوتن)، ووصولا إلى (انشتاين) الذي كسر مقولة: إن (المكان والزمان) حقيقة مطلقة ثابتة، بطرحه لنظرية (النسبية) التي قلبت الكثير من المفاهيم.

ومن أهم ذلك أن الإنسان لو توصل إلى سرعة الضوء ـ أي ثلاثمائة ألف كيلومتر في الثانية الواحدة ـ لاستطاع أن يحد من سرعة الزمن، بل إن الزمن سوف (يتجمد).

فمثلا لو أن هناك (توأمين) عمرهما 12 سنة، وانطلق أحدهما بصاروخ سرعته هائلة تقترب من سرعة الضوء، على أن يذهب ويجول في الفضاء قليلا ثم يعود، وإذا بالأعوام تمر ويكبر شقيقه التوأم ويتزوج ويأتي له الأبناء، وفجأة وبعد أن يقارب عمره 40 سنة، وإذا بشقيقه يعود وينزل من الصاروخ وعمره كما هو لا يزيد عن 12 سنة، بل إن بعض أبناء شقيقه أصبحوا أكبر منه، رغم أنه لم يقض في رحلته الصاروخية أكثر من أربع ساعات فقط.

بل إن (انشتاين) يؤكد أنه لو أمكن صنع صواريخ تزيد سرعتها عن سرعة الضوء، لأصبح بالإمكان رؤية الحوادث المادية والأشخاص الذين ماتوا من قبل كما لو كانوا أثناء حياتهم، لأن فعل الرؤية يعتمد على الصورة التي تنقلها الأشعة الضوئية للعين.

عندها بدأ خيالي التعبان (يشتغل)، ولو قدر لي أن (امتطي صهوة) مثل ذلك الصاروخ لتحققت أمنيتي بأن أشاهد أول ما أشاهد الأهرامات وكيف كانت تبنى؟!

وأشاهد (كيلوبترا) وهي ملفوفة بالسجادة.

(والمتنبي) وهو يلقي أمام سيف الدولة إحدى (قنابله).

و(شجرة الدر) وهي تقتل في الحمام (بالقباقيب).

والخوف المنقطع النظير الذي اعترى (غاليليو) وهو ينكر اكتشافه أن الأرض تدور حول الشمس.

والحياة (النزقة) التي كان يحياها الشاعر (رامبو) بين الحبشة وعدن.

وأخيراً سوف استجوب (الدون جوان) واسأله: كيف استطاع أن يجمع ويسيطر على هذا الكم الهائل من (النسوان) ـ أي الستات؟!

ملاحظة:

ولكي لا يعتقد البعض بأنني أقول الكلام على (عواهنه) ـ مع أنني أقوله أحياناً ـ فقد أجريت تجربة في جامعة (تورنتو) بطريقة ما يسمى (NEC) على شكل نبضة ليزر ومرورها في فراغ (كهرومغناطيسي)، وأثبتوا عملياً أنه بالإمكان تجاوز سرعة الضوء.. إذن استعدوا وشدوا الأحزمة، فالمسألة وما فيها (مسألة وقت)، لقد علم الله الإنسان ما لم يعلم.

[email protected]