تعال وتفرج!

TT

قرأت لكاتب صيني أنه من العدل أن يذهب كل أبناء المدن إلى الريف شهرا كل عام، بشرط ألا يقيموا في قرية واحدة..

المعنى: أن أبناء المدن وخاصة المثقفين، هم من أكسل خلق الله.. إنهم يتمددون على المقاعد أو على السرير أو يلتصقون بمكاتبهم ويكتبون من الذاكرة..

المعنى: أنهم لا يملكون إلا معلومات قليلة عن بلادهم يقلبونها يمينا وشمالا من دون أن يعرفوا أن تطورات هائلة قد طرأت على الأرض والناس.. فإذا كتبوا فهذا الذي يكتبونه هو قمة التناقض.. فهم أبناء القرن الواحد والعشرين يكتبون عن مشاكل القرن العشرين..

صحيح كل ما قاله الكاتب الصيني.. وصحيح أننا لا نعرف الكثير عن مشاكل الريف والأغلبية البعيدة عن العاصمة، فقد أصبحت دنيانا هي الناس من حولنا.. من أبناء طبقتنا ومهنتنا.. أما عشرات الملايين أصحاب المصالح الحقيقية، فهم بعيدون عن العين والقلب والقلم..

وقد أحسست بصدق ذلك وأنا استمع إلى عدد من المهندسين الألمان، تنقلوا في المجتمعات الصناعية الجديدة.. واحد قال لي: أحسست كأنني في ألمانيا.. المصنع نظيف، كل شيء يمشي بسرعة وبهدوء.. نظرت إلى الوجوه.. إنها مصرية صميمة. أمام المصنع وقفت سيارات جديدة نظيفة والشارع كان نظيفا خاليا تماما من الناس لا أحد يمشي، فالكل يعمل. أين الناس؟ في المصانع، أين الضوضاء.. أين التلوث.. أين المطبات.. أين الكلاب الضالة؟ لا شيء من كل ذلك..

وقال واحد آخر: والأشجار والعشب والأرصفة والمصابيح في الليل جميلة والأضواء قوية.. وهناك مصابيح أخرى هادئة.. هل هذه مصر؟! هل الذين يعيشون هنا هم أنفسهم الذين يعيشون في القاهرة؟! إن القاهرة حالة مرضية.. وهنا الصحة والجمال والنظام والنظافة.. هنا المدن الجديدة..

ومهندس ثالث يؤكد أن أكثر المصريين لم يروا مدينة العاشر من رمضان أو 6 أكتوبر.. إنها مفخرة لمصر.. مهندسين وعلماء ورجال أعمال..

المعنى: إذا أردت أن تضيء صورة المستقبل أمامك، وفي نفسك وبين أسرتك، فأذهب وتفرج.. ففي مصر: صناعة وطاقة وإنتاج وإبداع وطموح..