رواندا أم هيروشيما؟

TT

كان بيل كلنتون يقول إن اكثر ما يقلقه هو ان ينفجر الوضع يوما بين الهند وباكستان. لا يمكن تخيل المشهد إلا إذا تذكرنا ما حدث بين الهندوس والمسلمين لدى قيام باكستان، او لدى قيام بنغلادش فيما بعد، مضافاً الى ذلك هذه المرة، السلاح النووي لدى الفريقين، والانتشار الهندي ـ الباكستاني المعبأ في بريطانيا واميركا والخليج.

لذلك كان بيل كلنتون يتطلع الى الوراء ويرتعد من احتمالات المستقبل، في بلدين بركانيين، أحدهما على وشك الانهيار الكلي، مما أثار في الاشهر الاخيرة رعباً حقيقياً في داوننغ ستريت، لأن ثمة باكستان مصغرة في شرق لندن وشمال برادفورد وجنوب برمنغهام. على ان شكل الكابوس المتوقع كان مفاجئاً لأن الارهاب يتجنب التوقعات. اي ضربة في كشمير كانت ستكون مألوفة، وسوف تثير التعاطف، لكن الارهابي لم يرد تعاطفا، أراد زلزالا يهز النظامين، في دلهي واسلام اباد معاً. فالرجل الحاكم في اسلام اباد ليس سوى زوج السيدة التي اغتالها الارهاب، ثم أخذ المحققون يدرسون: هل قتلت برصاصة قبل الانفجار ام في الانفجار نفسه. وكان ذلك، على فظاعته، مسليا.

لقد اطاحت بنازير بوتو بكرسي برويز مشرف. وفي غياب مرشحة الاكثرية الباكستانية وذهاب رجل الجيش، حدثت خلخلة كبرى في النظام. وبدت علامات وكأن طالبان التي خرجت من باكستان في الماضي، قد تظهر الآن داخل البلاد التي كثرت فيها مكامن الضعف. وفي الماضي كان جهاز الأمن الباكستاني يعتبر الاقوى في المنطقة، لكن لم تعد هناك اي ضمانة بأنه لم يعد مخترقاً، ولحساب من. فمن السهولة ان تصنع الوحش لكن ليس من السهل ان تروضه.

المقارنة بين مومباي ونيويورك تغفل تماماً الحقيقة المفزعة، وهي أن مسرح الرعب هو هنا. ومنابع الجنون الهندوسي هي هنا. وذكريات المعابد والمساجد المحترقة هي هنا. وهنا الهشيم وأعواد الكبريت والجماهير المعبأة في قماقم واسعة الافواه.

عندما كان بيل كلنتون يعلن ان الوضع في الهند وباكستان هو اول مخاوفه، كان قد القى للتو محاضرة عن مجازر رواندا، ذاكرا ان 800 الف انسان سقطوا بمناجل بعضهم البعض. هنا البركان ليس في السلاح النووي. فلم يسقط في هيروشيما الا ما يزيد على مائة الف قتيل. اما البراكين الرواندية وكبريت الارهاب، فيبدو هجوم مومباي مجرد فتيل في مخزن للاسلحة الكيمائية.