الأميركيون الهنود في ذعر بعد هجمات مومباي

TT

جلس الأميركيون من أصول هندية يراقبون الازدهار والرخاء، والقوة الاقتصادية، وهي تقود الأمم الآسيوية لتحتل لنفسها مكانا بين أقوى الدول الصناعية في العالم.

لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فقد وجه الهجوم الوقح الذي وقع يوم الأربعاء الماضي على فندقين فاخرين، ومواقع أخرى في العاصمة المالية للهند، ضربة مروعة للمغتربين والجاليات الأجنبية بالبلاد، إذ بدأوا ينظرون إلى الهند على أنها قد انضمت إلى تصنيفات الدول الأخرى، التي قهرت الهجمات الإرهابية المفجعة أكثر مدنها قوة.

ويقول لاخيندر فوهرا وودبريدج، الذي أنقذت قوات الكوماندوز نهاية يوم الخميس الماضي عمه، بعد أن مكث 24 ساعة حبيس الفندق الذي استهدفه الهجوم الإرهابي، إن «هذا الهجوم يعتبر 11 سبتمبر (أيلول) هندية بطرق شتى».

وقد سيطرت مشاعر امتزجت ما بين الحزن والقلق والحنق، على الأميركيين من ذوي الأصول الهندية بمنطقة واشنطن بالأمس، جراء الهجمات الإرهابية التي لم يتم اكتشاف حقيقتها حتى وقتنا الحالي، وحصدت أرواح 125 شخصا على الأقل.

وأوردت وكالة أنباء أسوشييتد برس، أن اثنين من قاطني مقاطعة نيلسون في ولاية فيرجينيا وهما: ألان ساشر، 58 عاما، وابنته ناعومي ساشر البالغة من العمر 12 عاما، فُقد أثرهما بعد الهجمات. وأفادت الوكالة بأن الاثنين كانا ضمن مجموعة مسافرة إلى الهند لأداء برنامج للطقوس الروحية الدينية.

كما غلب الشعور بالخوف على أفراد المجتمع اليهودي الهندي أيضا، بأنهم عرضة للاستهداف، وذلك بعد أن أذاعت النشرات ووكالات الأنباء أنه من الواضح أن الإرهابيين يعمدون إلى التمييز ضد اليهود.

ويقول رابي شمويل كابلان، المدير الإقليمي لتشاباد لوبافيتش في ميريلاند، إن زميله رابي غابريال هولتزبيرغ وزوجة هولتزبيرغ، وآخرين وقعوا بين براثن الأسر في مركز المنظمة اليهودي في مومباي.

وفي هذا الصدد يقول كابلان: «إننا مصدومون ومذعورون ومنزعجون لذلك. فنحن منظمة تعمل على الوصول إلى الأشخاص في جميع أنحاء العالم، ولهذا السبب كنا في مومباي. وفي حقيقة الأمر، فإن استهدافنا بهجوم من هذا النوع، يعتبر أمرا مروعا للغاية».

ورغم تعرض الهند إلى 44 تفجيرا منذ شهر مايو (أيار)، إلا أن السلطات الهندية أعلنت يوم الأربعاء أن هذا الهجوم يعد غير مسبوق من حيث جرأته، ونجاحه في فرض حصار على أحد الرموز المعروفة لازدهار البلاد، وصناعة السياحة.

وقد تابعت الجالية الأميركية من ذوي الأصول الهندية بمنطقة واشنطن الأحداث من النصف الآخر للكرة الأرضية، من خلال التجربة التي عاشها باهدور سينغ باكاشي، العم الأكبر لفوهرا، الذي ظل حبيسا 20 ساعة داخل حجرته في الطابق الثامن عشر بفندق تاج محل في مومباي.

ويعمل فوهرا مديرا تنفيذيا، ورئيس تحرير بوابة إخبارية تسمى Sikhcommunitycenter.org، وتختص بأفراد مجتمع السيخ المحلي بالهند، وأوضح أن عمه كان يقضي فترات طويلة من الزمن في الفندق أثناء إدارته لبعض الأعمال في الهند. وكان عمه باكاشي، المعروف في واشنطن ببيل باكاشي، يمكث في جناح مواجه لعمليات القتال المحتدمة، بعد أن بدأ الهجوم الإرهابي على الفندق. وظل بلا طعام، إلا أنه تمكن من الدخول على الانترنت، والمرافق العامة، واستخدام هاتفه الجوال، حيث تلقى مئات الاتصالات الهاتفية من رفاق العمل وأقاربه وآخرين يعلمون تماما أنه من النزلاء المتكررين في الفندق. تجدر الإشارة إلى أن أهالي السلفادور هم الفئة الوحيدة التي يفوق عددها أعداد الجماعات المهاجرة من الهنود في واشنطن. وهناك أكثر من 107000 هندي يعيشون بمنطقة واشنطن، حوالي 80% منهم من المهاجرين، حسبما أفادت بيانات الإحصاء العام لعام 2005. كما أن هناك حوالي 2.5 مليون أميركي هندي يقطنون في الولايات المتحدة.

وأوضح ماهندرا شاه، 59 عاما، ويعمل مديرا لمقهى مومباي في لي هايواي بمقاطعة فيرفاك، أن الكثير من أفراد عائلته، وأصدقائه، ومنهم زوجته، وابناه يعيشون في مومباي، التي كانت معروفة في السابق ببومباي. وأوضح من بوتوماك أن جميعهم بخير.

وأشار إلى أنه علم بالهجمات من ابنه، الذي اتصل به لإخباره أنه وجميع أفراد أسرته بخير في المنزل، وأنهم على بعد أميال من الحادث. وأضاف شاه: «شعرت بالهلع من أنه ما زال هناك أفراد يؤمنون بالقتل لتمرير وجهة نظرهم، إن هذا مقزز».

وأفاد راتي باتل، 74 عاما، من مقاطعة أرلنغتون، ويعمل منظما مجتمعيا، ويعيش نسيبه في مومباي، وبارثاساراثي بيلاي، من كوليدج بارك، وهما الرئيس الاسبق والحالي على التوالي للاتحاد الوطني للجمعيات الأميركية الهندية ـ أنهما يخططان لمحاولة تنظيم حفل تأبين، مثل الصلاة المسائية المضاءة بالشموع، ردا على الهجمات.

وأضاف باتل بأنه يرغب في إرسال رسالة إلى الحكومة الهندية، ومن المحتمل أن يقوم بذلك عبر السفارة الهندية، بأنه يجب القيام بجهد جماعي لمحاربة الإرهاب. وأوضح: «يجب أن يكون هناك بعض الجهد المنسق من قبل جميع دول العالم لوضع نهاية لهذا النوع من الإرهاب».

وأوضح كابلان: «إننا نصلي من أجل رابي هولتزبيرغ وأسرته، وجميع من هناك في هذه المحنة، ونأمل في أن نستطيع سماع أخبار جيدة عنهم».

* خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ «الشرق الأوسط»