العالم ينتظر صوت المسلمين

TT

إذا أثبتت التحقيقات، بحسب العلامات الأولى كما يتضح حتى الآن، بأن تنظيمات باكستانية مؤيدة للحركة الانفصالية بإقليم كشمير هي التي وراء التفجيرات والاغتيالات الأخيرة في مومباى بالهند، فإن هناك رسالة مدوية موجهة للعالم الإسلامي، ولكن الأهم أن هناك رسالة أقوى ستكون مطلوبة منه أيضا. وسواء أكدت هذه التحقيقات تورط هذه الجماعات بصورة مباشرة أو إدراج مسلمي الهند تحت مظلتها ليكون التوريط بصورة غير مباشرة فإن العالم الإسلامي مطالب بوقفة حازمة في شأن مسألة كشمير. شخصيا لا أعتقد بضرورة ولا أهمية دعم الفصائل المتمردة من أجل استقلال كشمير. كشمير هي جزء من الهند، وبها جالية مسلمة يجب أن تنال حقوقها بسوية وعدالة داخل الإطار المؤسساتي للهند ككيان سياسي ديمقراطي، «نظريا» يمنح حق المواطنة العادلة والسوية للجميع. الوجود المسلم في الهند ليس وليد اللحظة، بل هو يعود لمئات السنين، وتعايشهم ونجاحهم واندماجهم ملفت وناجح، بل إن الهند ولدت علماء مسلمين فطاحل كان لهم الباع المهم في المجالات الفقهية، ولعل أبرزهم أبو الحسن الندوي، وهذا الإرث العلمي هو الذي جعل الهند اليوم أحد أهم مراكز البحوث في السنة النبوية الشريفة، والمقر الرئيسي لجماعة التبليغ أحد أكثر جماعات الدعوة الإسلامية نجاحا وقبولا في العالم. من الخطورة تحويل مطالب المسلمين في بقاع العالم الى «مخططات عقارية» يُدعمون لعزلهم عن مجتمعاتهم ثم يُدعمون ليطالبوا بالاستقلال، هل سيتم فعل ذلك مع حيدر أباد في يوم من الأيام، وهي المدينة الكبيرة ذات الغالبية المسلمة في الهند؟ أو حتى في برمنجهام في المملكة المتحدة والتي بها نمو كبير للجالية المسلمة؟ هذا هراء وهدر للمال والدماء والأعصاب، المسلم مطالب بأن يعبد الله أينما كان وأن يجاهد ليحصل على الحقوق التي تكفل له حرية ممارسة دينه بعيدا عن رفع الشعارات السياسية والأعلام الانفصالية، وإلا ما الفرق بينهم وبين المشاريع العنصرية المتطرفة للمشروع الصهيوني بإسرائيل، أو المشروع القديم للأبارتايد في جنوب أفريقيا؟ أدرك تماما أن هذا الكلام «غير مرغوب» وسيتم الطعن والتشكيك في كاتبه وطبعا الدخول في نوايا هذا الكاتب.. ولكن ليس هذا هو المهم، المهم هو عدم إعطاء فرص «توريط» المسلمين بأجمعهم من خلال مشاريع سياسية انفصالية لها أجندة خاصة ويدعمها أصحاب مصالح كبرى ونفوذ عظيمة. والمثال الباكستاني يؤكد هذه المسألة. «فمسلمو» باكستان نالوا استقلالهم المنشود عن الهند ليحولوا بلادهم أسيرة للفساد وآفة التنازع القبائلي المشؤوم، لتتحول العداءات ما بين أبناء «الدين الواحد» الى عداءات البلوش والسند والبنجاب، ومن أجل هذا العداء الأحمق تسخر موارد البلاد الطبيعية والبشرية. الهند هي الأخرى مطالبة بإدماج حقيقي وكامل للمائة والخمسين مليون مسلم الموجودين فيها، وعدم ترك فرصة لاستغلال تذمرهم من انتقاص حقوقهم في الحصول على موارد التنمية مثلهم مثل غيرهم وهي التي تم تزكيتها عن طريق الحكومة الهندوسية المتطرفة السابقة والتي لم يسمح لها الشعب الهندي في الاستمرار ولم يصوت لها في الانتخابات الأخيرة. موقف قوي وحاسم وواضح ضد الحركات الانفصالية في كشمير والاعتماد فقط على المساعدات العينية الإنسانية سيكون رسالة إسلامية بلغة جديدة ولكنها مطلوبة جدا. الدين الإسلامي دين عبادة ودين أخلاق ودين معايشة ولا يجب أن يستغل من تجار الأراضي والشعارات. ليس كافيا مقالات ومسيرات التنديد ولكن العالم ينتظر من المسلمين حراكا مختلفا.. الآن.

[email protected]