مشكلة حماس «الشرعية»

TT

السياسة هي السياسة سواء كانت المسألة تتعلق بحجاج او شيء آخر، وهذا ما فعلته حماس في قضية الحجاج، فالمشكلة هي خناقة مع السلطة الفلسطينية المطرودة من غزة لإثبات من هو صاحب الشرعية، فالحركة التي تسيطر على غزة والجانب الفلسطيني من معبر رفح كانت تأمل ان تكون تأشيرات الحج في يدها توزعها باعتبارها سطلة حكم الأمر الواقع بما يعطيها شرعية أمام سكان القطاع وبعض الشرعية أمام العالم الخارحي، وعندما لم تنجح في ذلك عرقلت خروج الحجاج، وضربت شرطتها بعضهم، طالما انهم ليسوا حجاجها وبدأت في إلقاء التهم على الخارج.

وفي كل الأزمات السابقة المتعلقة بقطاع غزة وسكانه المحاصرين الذين أصبحوا أشبه برهينة كانت هناك حلول كثيرة طرحت سابقا وما زالت متاحة للخروج من هذا الوضع المأساوي الذي يدفع ثمنه الاهالي يوميا في معاناتهم المعيشية، لكن دائما كانت الحلول تصطدم برغبة حماس في الاعتراف بها كسلطة شرعية بديلة للسلطة الفلسطينية المعترف بها اقليميا ودوليا، وكانت هناك دائما حلول لفتح معبر رفح إذا تم الاتفاق مع السلطة الفلسطنية وعودة ولو رمزية لرجال أمن السلطة الى المعبر ولكن الحركة ترفض ذلك ايضا، وحتى فكرة القوات الدولية من اجل دفع اسرائيل الى إنهاء حصارها وخلق وضع جديد يضع القضية الفلسطنية في بؤرة الاهتمام الدولي رفضت لانها ستعني نهاية الاستفراد بسكان غزة وقطع طريق الطموح لمد النفوذ الى الضفة الغربية.

وقد عكس رد فعل حماس على قرار الاجتماع الطارئ في القاهرة لوزراء الخارجية العرب بدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس حالة نفاد الصبر التي بدأت تصل اليها الحركة التي لم تستطع رغم سيطرتها الامنية الكاملة على غزة لسنوات ان تتقدم خطوات ملموسة في اتجاه الحصول على اعتراف من الدول العربية بأنها السلطة الشرعية. ويغيب عنها ان تقديم هذا الاعتراف مستحيل من الناحيتين السياسية والواقعية لأن معنى ذلك الارتداد بشكل حاد عن دبلوماسية وجهد كبير بذل على مدار سنوات من اجل الوصول الى وضع شرعي دولي واقليمي لسلطة فلسطينية تعامل على الطاولة الدولية كمفاوض رئيسي، وهدم كل ذلك يعني العودة الى الوراء سنوات طويلة وإعطاء الفرصة لاسرائيل للتحجج بأن الجانب الآخر غير جدي.

لقد كان هناك اتفاق على حوار وورقة عمل مطروحة واجتماعات أعد لها للفصائل الفلسطينية المختلفة، وكان هذا الحوار لو نجح يمكن ان يشكل مخرجا لحالة الجمود والشلل الحالية، وكانت حماس هي التي انسحبت منه في اللحظات الاخيرة وذلك بعد سلسلة من المناورات والتسريبات والتصريحات الاعلامية التي مهدت لهذا الموقف مرة بالتشكيك ومرة بالحديث عن تفضيل البحث عن وسطاء آخرين والأفضل أن يكونوا أوروبيين.

ورغم الحديث عن إعطاء مهلة من الوقت لاستئناف جهود محاولة إجراء الحوار، فالمعطيات على الأرض ليس إيجابية فالتباعد في المواقف السياسية كبير، والمشكلة الرئيسية كما يبدو هي من هو صاحب السلطة والشرعية كما ظهر في ازمة الحجاج، وحماس يبدو ان جزء من استراتجيتها هي الضغط على دول عربية من خلال حلفاء سياسيين لها مثل حركة الاخوان المسلمين، او تصدير المشكلة الى الخارج مثلما فعلت في قضية اقتحام الحدود المصرية.

ومع دخول عام جديد على الوضع الصعب لقطاع غزة كان الأمل ان يكون هناك قدر من التفاؤل بإمكانية الخروج بحلول، لكن لا توجد مؤشرات على ذلك، فلب المشكلة هو صراع على السلطة.