قليل من الصبر

TT

قلت لشاب: أحكي لك قصة الموسيقار العبقري موتسارت.

جاءه شاب سأله: كيف أكتب سيمفونية؟

قال له موتسارت: أنت لا تزال صغيراً فابدأ بالأغاني.. قال الشاب: ولكنك كنت تكتب السيمفونية وأنت في العاشرة من عمرك!

رد عليه موتسارت: ولكني لم أسأل أحداً..

قال الشاب: لا أفهم!

أجاب موتسارت: وجدت نفسي قادراً على أن أكتب فكتبت دون توقف.. فلا تفعل شيئاً حتى تجد نفسك عاجزاً عن إيقاف تدفقك الإبداعي.. وليكن شكل الإبداع ما يكون!

فأنت إن كنت تريد الكتابة فاقرأ واقرأ وتأمل.. وتفرج على ترتيب الألفاظ وتراكيب الجمل وانسيابها من معنى إلى معنى. وتنقل بعينيك بين الأساليب المختلفة وعلى مهلك بعد ذلك!

وإن كنت تريد أن تكون مطربا فاسمع واسمع ليلا ونهارا وانشغل تماما.. وحاول أن تردد نفس الأغاني كما هي أول الأمر.. ثم تصرف فيها بالطريقة التي تعجبك، ولكن يجب أن تنحني خاشعاً أمام الكبار: سيد درويش وعبد الوهاب وأم كلثوم وفايزة وفيروز والموجي وبليغ والطويل وعبد الحليم ومحمد قنديل ومحمد فوزي وفريد الأطرش.. ولا ترفض أحمد عدوية لأي سبب.. فصوته قوي وأداؤه سليم وهو أحسن الأصوات التي تصادفك، وإن كان كلامه فارغاً فهو الذي اختار السكارى في الكباريهات جمهوراً له!!

وإن كنت رساماً فلا ترفع عينيك عن اللوحات.. واذهب إلى كل معرض واستمع إلى كل فنان.. وتأمل مزيج الألوان وحركة الفرشاة..

فلا بد من تثقيف يديك وعينيك وأذنيك طويلا وكثيرا وعميقا!

ولا تقلق.. فسوف تمتلئ نفسك أو عقلك أو قلبك أو معدتك.. إنه شيء ما في داخلك، لا أعرف مكانه، سوف يمتلئ وسوف يفيض في أصابعك وفي حنجرتك ومن أذنيك وعينيك ويقظتك وأحلامك.. وسوف يستغرقك كل ذلك.. فلن تسأل أحداً ما الذي يناسبك.. وكيف ومتى وأين؟ وإنما سوف تصبح حياتك إجابة عن ألوف من الأسئلة التي لم تخطر على بالك وسوف تكون في داخلك، في مكان ما، في وقت ما، لسبب ما: قوة لا تعرف ما هي.. تستولي عليك وتجعلك لسان حالها ومتحدثاً رسمياً..

لا تتعجل.. لا تغتصب البداية.. لا تفتعل فيضاناً لم يحن وقته بعد.