مايا.. نريد مايا

TT

لا ندري، بعد من سيكون الشاعر الضيف في حفل تنصيب باراك حسين أوباما. كان جون كينيدي سعيد الحظ بقدر ما كان سيئ الطالع. فقد كان روبرت فروست لا يزال حيا عندما بحث عن هامة شاعرية في درامية المناسبة: أول رئيس كاثوليكي وأحد الأصغر سناً والداعي إلى التغيير الأوسع. بيل كلنتون كان شيطانا وحاذقا كالمعتاد. اختار لحفله مايا انجيلو، الشاعرة والروائية والإنسانة القادمة من عمق الزنوجية بمعنى الرفعة، بمعنى الوصمة للجنس المسمى بشريا، وليس على القول الفاشستي «عبيد البيت» الذي أتحف به أيمن الظواهري دعاة صراع الحضارات. أو الهمجيات.

لو سئلت من على اوباما أن ينتقي، لماذا ليس مايا انجيلو مرة أخرى؟ أليست هذه السوداء العظيمة الباهرة صاحبة «إني أعرف لماذا تغني العصافير أسيرة الأقفاص»؟ لقد أشار إلى هذه التحفة الأدبية قبل حوالي شهرين، أحد كتّاب الرأي في «عكاظ». ويؤلمني أنني لم أدون اسمه كي أقرأه باستمرار. لكن ليس من الصعب أن تعثر على أولئك الذين يكتبون بالحبر الفوسفوري. هؤلاء لا يغمرهم عتم ولا غمر.

لماذا ليس مايا انجيلو، وقد وصل السود إلى البيت الأبيض، قبل أسبوعين من كياسة الظواهري وبعد 15 قرناً من نداء الفاروق «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟»، أليست هي القائلة «كان جلدها غنياً بالأسود لكأنه يمكن أن يقشر مثل خوخة». أليست هي الكاتبة: «كانت قبعتها القش تليق لها كما يليق الطقم الأزرق للفلاحين». أليست هي من دوّن بطريقة ساحرة، العامية الزنوجية في الجنوب الأميركي: «عندما كانت تمر أمام بقالتنا كانت غالبا ما تلقي التحية على أمي بصوتها الناعم الساحر: طاب يومك، مسز اندرسون» وكانت أمي تجيب: «كف (لا كيف) «انتي» أيتها الأخت فلاورز».

كانت بقالة الأم هي عالم مايا انجيلو. هناك ترى تعالي البيض، وهناك تخاف صبيان الزقاق، وهناك تقرأ في الكتب أن كل شيء أبيض جميل ومحترم وأنيق. وتلحظ أن الأخت فلاورز أكثر جمالا وأناقة، إنها تمشي مثل سيدة بيضاء في أفلام المراعي. وأما هي فتشعر بعقدة نقص وبشيء من الغبطة أيضا. لقد امتدحت المسز فلاورز الطريقة التي تخيط بها المسز اندرسون فساتين بناتها، خصوصاً مارغريت، التي سوف تصبح ذات يوم أشهر كاتبة سوداء في أميركا، وأكثرهن سحرا عندما تتحدث وتتذكر صور الريف المبالغ في الفقر والأم التي تصانع بمهارة عالم البيض كي تستطيع البقاء.