الليلة الأطول في مومباي

TT

كان يفترض أن تكون ليلة الأربعاء، 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، بالنسبة للعروسين أميت وفارشا ثاداني، ليلة العمر التي لا تنسى، حيث كان مقررا أن يحظيا ببداية مترفة لحياتهما معا، ويتمتعا بحفل زفاف في قاعة الرقص البلورية بفندق «تاج محل» يحضره أكثر من 200 من الأقارب والأصدقاء. ولكن، ربما تحمل تلك الليلة ذكرى مروعة بالنسبة لكليهما ما بقيا.

ففي الساعة 9:45 مساء، بعد أن انتهى الاثنان من ارتداء ملابسهما استعدادا لحفل زفافهما في غرفة في الطابق الثاني من جناح «التراث» بالفندق، سمعا صوت طلقات الرصاص، وتبع ذلك حالة من الفوضى خارج الغرفة، ثم سمعا أوامر من مكتب الاستقبال بأن يبقى كل في مكانه.

بقيا الاثنان في مكانهما لأكثر من سبع ساعات، قضيا معظمها جالسين داخل الحمام يتناقشان فيما يجب عليهما القيام به، ويحاولان تهدئة بعضهما بعضا. وكان التليفون يرن بصورة مستمرة، ليعرفا من خلاله آخر الأخبار، ويتلقيا تساؤلات. وتقول العروس إنها في مرحلة ما توقفت عن الرد على الهاتف، فقد كانت لا تريد التحدث مع أي شخص. كان ما زال يسمع صوت طلقات الرصاص، مع دوي انفجاريين ضخمين، تسببا أحدهما في فتح باب الغرفة والشبابيك. وسمعا أحد المسلحين في الغرفة المجاورة يطلق الرصاص على امرأة نزيلة في الفندق، ثم سمعاها تصرخ وتصرخ. تسترجع العروس ما حدث قائلة: «كنا نحس أنها تسحب على الأرض إلى مكان ما».

وكان الأصدقاء قد بدأوا يتوافدون على قاعة الرقص البلورية، ثم فوجئوا بصوت طلقات الرصاص. تساءل أحدهم: «هل من الممكن أن تكون هذه مفرقعات نارية؟» تحطمت إحدى النوافذ، مما جعل الجميع يهربون تحت الموائد، وبعد ذلك، قادهم العاملون في الفندق إلى غرف خاصة، يصعب الوصول إليها. مروا بقاعة رقص تلو أخرى ومطعم بعد آخر، ليصلوا إلى ما كان يظنون أنه مكان أكثر أمانا، وهو ناد خاص يطلق عليه «تشامبرز».

وفي مطعم «التنين الذهبي» في الطابق الأرضي، كانت امرأة تنظر من خلال الزجاج المكسو بالجليد، العرض الذي يقوم به المسلحون في رواق الفندق، حيث كانوا يطلقون الرصاص في كل مكان. وكانت تلك المرأة قد حضرت لتحتفل بعيد ميلاد زوجها مع والديهما.

قادهم العاملون في الفندق، أيضا، عبر المطابخ إلى أماكن أكثر أمنا، وظلّوا هناك حتى حوالي الرابعة صباحا، ثم تمكنت مع والديها من الزحف، وصولا إلى المخرج الخلفي للعاملين، ولكن مع رنات الهواتف الجوالة، جذبوا انتباه المسلحين داخل الفندق. وأخذ المسلحون يطلقون الرصاص على من يحاول الهرب، تركت الزوجة زوجها وأبويه وراءها، وبعد ثماني ساعات، كانت تقف بجوار الفندق تنتظر أن يخرجوا، لم يجب الزوج على الهاتف الجوال. وكانت هي لا تزال ترتدي بلوزة سوداء، كانت قد لبستها استعدادا لحفل الغداء.

كان السائح روني كويرينز، الذي يبلغ من العمر 44 عاما، يجلس مع أصدقائه في الطابق العلوي المكيف ليلة الأربعاء، وقبل العاشرة مساء، سمعوا انفجارا ضخما في الخارج، وظنوا على الفور أنه صوت قنبلة. وبعد ذلك، سمعوا ضجة مدوية من الأسفل. ويقول السيد كويرينز: «اندفع أحد العاملين إلى الطابق العلوي، وقال إنهم يطلقون النيران في الطابق السلفي».

وقام النُدُل بإزالة الغطاء الموجود على فتحة التكييف، وطلبوا منه مع 15 أجنبيا آخرين التسلق إلى الداخل. وبعد حوالي 10 دقائق، زحف كويرينز إلى الخارج ونظر إلى أسفل من على السلم إلى الطابق الموجود في الأسفل، ليجد الناس ممددين على الأرض.

وفي النهاية، أشار إليهم العاملون بأن الطريق آمن، وتمكّن الأجانب من الهروب من المطعم، الذي تعلو الدماء حاليا طابقه الأرضي، وأخذهم رجال الشرطة إلى مركز للشرطة في الجوار ليقضوا ليلتهم هناك.

ويقول كويرينز: «حقا، لقد كان وقتا مرعبا، بدا الأمر وكأنه خيال، فأنت لا تظن أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث لك في يوم من الأيام».

وكان غاري سامور، وهو مدير الدراسات في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك، يقيم في فندق «تاج محل» مع زوجته وابنته، حيث كان يخطط لأن تقضي العائلة الأجازة في مومباي، وكان هو قد ألقى محاضرة مساء الأربعاء حول التحدي النووي، الذي يواجه الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

ظل الجميع، أيضا، في غرفتهم وحاولوا التحلي بالهدوء. كان التلفزيون معطلا، ولم يكن لديهم تليفون داخلي، ولذا كان الأصدقاء يرسلون إليهم آخر المستجدات عن طريق رسائل البريد الالكتروني يستقبلها سامور على جهاز بلاكبيري. ويسترجع السيد سامور الأحداث موضحا أنه في الساعة 3.30 صباحا، سمع صوت إطلاق الرصاص بصورة مكثفة.

وقال القنصل الأميركي اشتعلت النيران في الفندق، وقامت العائلة بجمع جوازات السفر الخاصة بها، وبللوا عددا من المناشف بالمياه حتى يتسنى لهم الخروج من خلال الردهة التي انتشر فيها الدخان، ليصلوا إلى ردهة الطابق الثاني، ومن هناك تمكنوا من استدعاء الجنود الهنود. ويقول سامور: «قد يكون جهاز بلاكبيري السبب في نجاتنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»